قطع الأرزاق و الأعناق
قطع الأرزاق و الأعناق ! خسرت وظيفتي مرة لأنني رفضت أن أنفذ قرارا لرئيسي الأعلى بفصل موظفين في إدارتي، و كدت أخسر وظيفتي التالية لأنني رفضت تنفيذ قرار مماثل، فقطع الأرزاق بالنسبة لي خط أحمر لم أتجاوزه يوما في حياتي و آثرت لأجله أن تقطع عنقي الوظيفية على أن تقطع أرزاق غيري، وحدهم خائنو الأمانة والشرف هم الذين لا أذرف عليهم دمعة واحدة و إن ذرفتها على أطفالهم !! فالإنسان يمكن أن يُقهر في أي شيء إلا لقمة عيشة وقوت عياله، وعندما نختلف مع أحد فإن هذا الخلاف يمكن أن يتخذ أي شكل ويصل إلى أي مستوى إلا أن يمس لقمة العيش، فلقمة العيش هي الحد الفاصل بين إنسانيتنا ووحشيتنا !! وقد يقطع رزق الإنسان بسبب سوء أدائه أو ضعف كفاءته أو انحراف مسلكه أو عدم أمانته، لكن أن يقطع رزق الإنسان بسبب رأي يعبر عنه أو فكر يؤمن به فهذا هو أقسى أنواع الابتلاء المعيشي، وهو يجمع قطع الأعناق مع قطع الأرزاق !! في كل مرة أجلس فيها إلى مائدة الطعام أتأمل أطفالي وهم يتناولون طعامهم فأحمد الله الذي جعل هذه اللقمة في متناول أيديهم وأفواههم، و أتفكر في كل إنسان لا تتوفر لأطفاله فأفقد للحظة شهية الطعام لكنني أعود لأتجرع الواقع مع كل لقمة طيبة المذاق، فشتان بين من يضع في فمه لقمة ومن يضع جمرة . خالد السليمان | ||