أزمة الحديد .. هل تستحق «سابك» اللوم
أزمة الحديد .. هل تستحق «سابك» اللوم؟ صالح الجاسر في أواخر العام الماضي فتحت الأمانة الفنية لمكافحة الإغراق في دول مجلس التعاون الخليجي تحقيقاً رسمياً بشأن تدابير وقائية ضد الزيادة في واردات منتجات من الحديد والورق إلى أسواق دول المجلس، وذلك بناء على الشكوى المقدمة من قبل مصنعين خليجيين واستنادا إلى قانون مكافحة الإغراق (جريدة الاقتصادية في 14 نوفمبر 2009م). بالطبع لا أحد يلوم رجال الأعمال حينما يواجهون أية خطوة من مصانع خارج المنظومة الخليجية، يرون أنها تهدد مصانعهم واستثماراتهم، بشرط ألا تكون مكافحة الإغراق سبيلا إلى الاحتكار، وخنق المواطن بسعر يتفق عليه التجار، بعد أن أمنوا من المنافسة الخارجية، سواء بتطبيق قانون مكافحة الإغراق، أو بمنع الاستيراد، أو برفع سعر المنتج المستورد، بحيث تساند هذه القرارات التاجر فيما يتخذه من إجراءات تهدف إلى رفع الأسعار بشكل عام . ومنذ نحو شهرين والمراقب لما يجري في سوق الحديد، وما يتداوله الناس، أو ينشر من تصريحات، يرى أموراً عجيبة، وارتفاعات غير مبررة، وتصريحات متضاربة، كلها تحاول تبرير ما يجري من ارتفاعات متتالية في أسعار الحديد، وغيابه من الأسواق، وبعضها يتوعد بمزيد من الارتفاعات، رغم أن السعر في السوق المحلي أعلى منه في أسواق عدد من الدول المجاورة، بل وصل الأمر ببعض التجار إلى إلقاء اللوم على شركة سابك بسبب عدم مجاراتها التجار في رفع أسعارها، رغم أن \"\"سابك\"\" رفعت أسعارها بنسب محددة، وساقت - عبر بيانات أصدرتها - مبررات موقفها من أسعار الحديد بحكم كونها المنتج الأكبر في السوق. سابك التي طالتها أصابع الاتهام من صناع وتجار الحديد الذين لم يتوان بعضهم عن توزيع تصريحاته على جميع الصحف، متوعدا بمزيد من رفع الأسعار، حاولت أن توازن بين سعرها وأسعار الشركات الأخرى، ورغم ذلك استمرت أزمة الحديد، مما يدل على أن الهدف أبعد من زيادة محدودة في الأسعار، وإنما خلق أزمة تستفيد منها أطراف عديدة والخاسر الوحيد فيها هو المواطن، وما تنفذه الدولة من مشروعات. إن الإشكالية التي تواجه سوق الحديد تتمثل في أن هناك خللا يجب الكشف عنه، وهذا الخلل جعل المستهلك يبحث عن بضعة أطنان من الحديد لإكمال بناء منزله فلا يجدها في السوق إلا عبر موزعين أغلبيتهم من العمالة الأجنبية، وبسعر لا علاقة له بما يعلن عبر موقع وزارة التجارة والصناعة، رغم أن بيانات شركة سابك تذكر أن هناك فائضاً في الإنتاج يصل إلى 900 ألف طن. الوضع في سوق الحديد تم التخطيط له من قبل، والهدف هو الوصول بالسعر إلى 4000 ريال للطن، كما صرح بذلك أحد تجار الحديد للصحف، ولعل مصداق هذا ما كشفت عنه صحيفة عكاظ (8 أبريل 2010م) من أن لديها وثائق رسمية تكشف أن تجفيف السوق من الحديد مدبر وبدأ في يناير الماضي عبر عدة إجراءات قامت بها واحدة من أكبر شركات توزيع الحديد في المملكة. أن ما يحتاج إليه سوق الحديد هو إجراء مماثل لما تم اتخاذه قبل عامين، وهو مراقبة الكميات الكبيرة التي يجري تخزينها في مستودعات بعيداً عن الأعين، ومراقبة قيام البعض بسحب أية كمية تطرح في السوق لإحداث خلل بين العرض والطلب، ليكون ذلك مبرراً لرفع السعر، والبيع في السوق السوداء، وهي سوق مغرية وتحقق أرباحا تفوق الخيال. وإذا كانت وزارة التجارة والصناعة تقوم بدور فوق طاقة مراقبيها في متابعة سوق الحديد وغيره من السلع، إلا أن هذه الجهود تحتاج إلى تعزيز بعقوبات رادعة تعلن عبر وسائل الإعلام حتى يكون لهذا التحرك فعالية أكبر. صالح الجاسر | ||