×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

في وقف الصراع .. كلمة للعقلاء

في وقف الصراع .. كلمة للعقلاء




روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: \"\"مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا في نصيبنا خرقاَ ولم نؤذِ مَنْ فوقَنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعاً, وإن أخذوا على أيديهم نَجَوْا ونَجَوْا جميعا\"\" رواه البخاري وأحمد والترمذي عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما.

لو استجلبت أمثلة الشعوب وبلاغة الأدباء وشعر الشعراء لن أجد أجمل تشبيها لواقع نعيش صراعاته اليوم من هذا الحديث الشريف عن نبينا الكريم الذي لا ينطق عن الهوى, والصراع ليس بين فريقين فقط, لكنه بين مجموعات وأفراد ومراكز قوى ومجتمعات, وهو ليس معركة واحدة, فهي معارك طاحنة بين فئات مختلفة ومناهج متضادة وأفكار متناحرة, وموضوع الصراع لا يرتكز على موضوع بعينه, فهناك خلاف على التربية, صراع حول المرأة, اختلاف في السينما, عدم اتفاق على الحرية وحدودها, هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, بين رفض قاطع وتأييد مطلق, اختلاف حول مفهوم الاختلاط وتطبيقاته, أخيراً انكشف الغطاء وتجاوز السيل الزبى بتهمة التوحش!!

لقد زاد الخلاف عن المقبول, وخرج الصراع عن المعقول, فأصبح واقعنا يهدد هويتنا, وفرقتنا تتوعد لحمتنا, بعد أن كنا مجتمعاً واحداً أصبحنا فرقتين بل أكثر, كل فرقة تدعي الإصلاح وكل يتهم الآخر بالتخلف, وكل فريق له أهدافه وكل فريق له وسائله وكل فريق له استراتيجيته وتكتيكه كأننا في حرب, فهذا يملك القنوات الفضائية, والآخر يمسك بمنابر الجوامع, فريق يسيطر على الصحافة, وآخر على التعليم, الأول يمسك بزمام السلطة النخبوية بينما يتمتع الثاني بالشعبية الجماهيرية, الأول يريدها حرية بلا ضوابط, والآخر يطلب ضوابط للحرية, كل من الفريقين يحشد أدوات الدعم ويستخدم وسائل التعبير التي يدعم بها رأيه بعد أن يغلفها بما يبرر ويؤيد هذا الرأي حتى لو كان ذلك كذباً ودجلاً, وكلا الفريقين يرى أن الفريق الآخر على خطأ ويقف منه موقف التضاد والتعارض, الفرق الأكبر بينهما أن الأول هو المهاجم دائما, الأمر الذي يضطر الفريق الثاني معه إلى الدفاع لحماية حصونه من الضرب والتدمير.

كلا الفريقين لهما حججهما المنطقية حيناً والغريبة حيناً والمستهجنة حيناً آخر, كما أن الفريقين ربما يتمتعان بالوطنية وإن كانت الأولويات تختلف بين الفريقين, وإن كان لكل طرف قناعاته التي ربما تصل إلى حد التضاد مع قناعات الطرف الآخر, سجالات الفريقين الهدف من ورائها كسب أكبر مساحة من أرض المعركة, والتأثير في الجماهير لضمها إلى صفوفها, أو التأثير في قيادة السفينة وطاقمها لتعزيز الدعم الموجود أصلاً أو لتغيير قناعات المخالفين.

حالنا في هذا الصراع يترجمه الحديث الشريف الذي سقته في مستهل هذا المقال, فغرق السفينة نتيجة حتمية إذا ما أتلفها أحد الركاب, ما لم يتم إيقافه والأخذ على يديه من قبل قائد السفينة أو طاقمها, بفرض أن هذا الطاقم هدفه الوحيد هو الوصول بها إلى بر الأمان, وإذا لم يتم إيقاف هذا الصراع فإن النتيجة الحتمية لهذا الصراع لن تخرج عن إحدى ثلاث نهايات أو كلها معاً, الأولى تدمير المجتمع, الثانية إلهاء الدولة بالخلافات على حساب الإنجازات, الثالثة تقسيم المجتمع إلى قسمين متناحرين لن تنتهي قصتهما إلا بفناء أحدهما!

إن دور قائد السفينة وطاقمها ليس بهذه السهولة, فكلا الفريقين له حججه المقنعة, وهجومه القوي ودفاعه الصلب, كلا الفريقين يستخدم جميع الوسائل العقلية والمنطقية والعاطفية, فما إن يأتي فريق بحجة إلا ويأتي الآخر بمثلها أو بأقوى منها أو بما يدحضها, وإن كانت هذه المساجلات لا تخلو من مجاملة أو دعم من بعض أفراد الطاقم لأحد الفريقين أو لكليهما, وهذا ما يصعب من قرار قيادة السفينة .

إن تدخل العقلاء من الجانبين أو من طاقم السفينة وقيادتها ليس أحد الخيارات المتاحة, بل هو الخيار الوحيد, وتدخل هؤلاء ربما يكون بأكثر من اتجاه, إما بإيقاف الفريق السفيه الذي يتسبب في غرق السفينة ونزع أسلحة الدمار التي يملكها, وإما بإيقاف سفاهات هذا الفريق, أو بتوجيه الفريقين إلى إيقاف حروبهما ونزاعاتهما الباطنة والمعلنة والضرب بيد من حديد على المخالفين.


فهد بن عبد الله القاسم
بواسطة : admin
 0  0  16223

الأكثر قراءة

سمير المقرن الحادثة التي نشرتها جريدة «اليوم» بداية هذا الأسبوع...

03-17-2010 06:11 الأربعاء

لأول مره التعبير عن التعبير عوض الأحمري منذ أن حملت مع أبناء...

06-28-2010 06:05 الإثنين

نشرت صحيفة «الغد» الأردنية في عددها الصادر يوم 21/2/2010 الإعلان...

03-13-2010 06:52 السبت

المقابلات الشخصية للضرورة أم للمحسوبية مسفر القحطاني...

06-26-2010 10:30 السبت

ترقبوا ؟؟؟ نورة الاحمري لقد كان من كم يوم هدية من خادم...

09-05-2010 11:10 الأحد

لعنة000الكرسي !البعض يعتقد انه الأمر الناهي منذ أن يتسلم مسؤولية...

09-02-2010 11:38 الخميس

محتويات

التربية بالسكاكين

التربية بالسكاكين

سمير المقرن الحادثة التي نشرتها جريدة «اليوم» بداية هذا الأسبوع عن تعرض طالب لم يتجاوز عمره إثني عشر عاماً..

03-17-2010 06:11 الأربعاء   90894
لاول مره التعبير عن التعبير

لاول مره التعبير عن التعبير

لأول مره التعبير عن التعبير عوض الأحمري منذ أن حملت مع أبناء هذا الوطن حقيبة المدرسة وأنا أتلقى و أتلقن مواضيع..

06-28-2010 06:05 الإثنين   98401
وظيفة سعودية في صحيفة أردنية

وظيفة سعودية في صحيفة أردنية

نشرت صحيفة «الغد» الأردنية في عددها الصادر يوم 21/2/2010 الإعلان التالي: «فرصة عمل في المملكة العربية السعودية، مطلوب..

03-13-2010 06:52 السبت   89068
المقابلات الشخصية للضرورة أم للمحسوبية

المقابلات الشخصية للضرورة أم للمحسوبية

المقابلات الشخصية للضرورة أم للمحسوبية مسفر القحطاني دخلت في الآونة الأخيرة عملية إجراء المقابلات الشخصية..

06-26-2010 10:30 السبت   91386

جديد الفيديو