تأملات في حادثة أسواق \\\" روشن \\\"
بداية: ليس من عادتي الخوض في قضية والحديث عنها ما دامت مقتصرة على أفراد ، وهذه القضبة بالذات ترددت في الكتابة حولها لأن الإعلام الذي قوامه على (الإثارة) قد لاكها بطريقته المستفزة !!
لكن هي خواطر ظهرت خلال تأمل لتداعيات هذه الحادثة ، ولست في هذه الكلمات أصحح فعلاً أو أخطؤه .. ولست محامياً عن شخص أو جهة .. ولست قاضياً على فلانٍ أو علان .. إنما ناقد لبعض المفاهيم ومدافع في الوقت ذاته عن مفاهيم وثوابت شرعية ..
سأسرد النقاط تباعاً ؛ فليس المقام مقام بحثٍ علمي حتى أرتب الأفكار وأبوّبها ..
١- من المفاهيم الشرعية الضرورية التي ينبغي تداولها في كل وقت ويتأكد في مثل هذه الحوادث : قل خيراً أو اصمت . يكفيني في هذه النقطة حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة وأبو شريح رضي الله عنهما : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت .
أرجوك أيها الحبيب أعد قراءة الحديث مرات ومرات ؛ حتى تعلم حجم تقصيرنا وزللنا !!
٢- في القضايا الفردية التي لا تشكل ظاهرة : إن رأى المرء أنه ثمة حق له فلا أحد يمنعه من المطالبة به ، لكن هناك انفصال تام بين التصعيد القضائي الحقوقي والتصعيد الإعلامي العمومي .. اطلب حقك عند الجهة الموكلة شرعاً ونظاماً .. ائت بالبينات والحجج ودونك من يستوفي لك حقك ، ربما أتفهم أن التصعيد الإعلامي طريقة لاستجلاب الحقوق التي أغفلتها وتجاهلتها الجهة المسؤولة شرعاً ونظاماً ؛ لكن هي درجات لا يصح ولا ينبغي تجاوزها من أجل الانتقام للنفس .. الشرع والنظام قد كفلا استيفاء حقك ؛ لكن لا تغلّب مصلحتك الشخصية على المصلحة العامة ، لا سيما وقد تم تجاوز الخطوات السابقة .
٢- من أعظم ما أزعجني هو : التشغيب على المفاهيم الشرعية !! حتى وإن ظلمت من فرد ، بل حتى وإن ظلمت من جهة كاملة ، بل حتى وإن ظلمت من حاكم ؛ فكل هذا لا يسمح لك أبداً أن تعود لأصلٍ شرعي وتحاول التشغيب عليه واللعب بمفاهيمه وسُبله !! ساءني جداً الحديث المغلوط حول مفهوم \\\" الاحتساب \\\" و \\\" إنكار المنكر \\\" !! والله لو أخطأ ((جميع)) أعضاء جهاز الحسبة ؛ فإن هذا لا ينقص من مفهوم وقيمة الاحتساب الشرعية مقدار ذرة !! دونك الأشخاص انتقدهم كيف شئت ؛ لكن أن تأتي وتتحدث عن هذه المفاهيم الشرعية بحديث \\\" صحفي \\\" فلا وألف لا ..
٤- لا يصح أبداً توظيف هذه الحادثة وأشباهها في تصفية الحسابات !! أن يتحول قراءة الأحداث لانتقامات شخصية ؛ فهو أمر مرفوض تماماً من (كل) أحد !!
إن كان ولابد أن تتحدث ؛ فابتعد عن الشخصنة وذكريات الماضي ؛ وتحدث بتجرد وموضوعية عن الحادثة وتفاصيلها .
٥- من الأخطاء المتكررة في مثل هذه الحادثة : محاولة الحكم سريعاً ومن ثم الاصطفاف وعقد الولاء والبراء !!
الأناة الأناة .. انتظر لحين هدوء العاصفة وسماع أقوال الأطراف ثم كوّن قناعتك في ظل ما تدين الله به ، وبعد هذا لست مجبراً على إظهارها للناس ، والأبعد من هذا أن تهاجم وتدافع وكأنك في حرب ضروس .
العجلة مضرة للأطراف ولغيرهم ، والله يتولى عباده .
هي نفاث مهموم أراد النصح والإصلاح ..
هدى الله الجميع لما اختلف فيه من الحق بإذنه ..
صالح بن عبدالعزيز العسكر / المعهد العالي للقضاء