أنواع الفتن
قال ابن القيم رحمه الله(والفتنة نوعان : فتنة الشبهات وهي أعظم الفتنتين وفتنة الشهوات وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحدهما
ففتنة الشهوات من ضعف البصيرة وقلة العلم ولا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد وحصول الهوى فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى قال تعالى (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس) وقد أخبر الله سبحانه أن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله . قال تعالى( ولاتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق وهي فتنة المنافقين وفتنة أهل البدع على حسب مراتب بدعهم فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل والهدى بالضلال ولا ينجي من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول فلا يجعله رسولا في شي دون شي بل هو رسول في كل شيء
وأما النوع الثاني من الفتنة ففتنة الشهوات وقد جمع سبحانه بين ذكر الفتنتين في قول( كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أمولا وأولادا فاستمتعوا بخلقهم فاستمتعتم بخلقكم كم استمتع الذين من قبلكم بخلقهم ) أي تمتعوا بنصيبهم من الدنيا وشهواتها والخلاق هو النصيب المقدر ثم قال وخضتم كالذي خاضوا فهذا الخوض بالباطل وهو الشبهات فأشار سبحانه غلى ما يحصل به فساد القلوب والأديان من الاستمتاع بالخلاق والخوض بالباطل لأن فساد الدين إما يكون باعتقاد الباطل والتكلم به أو بالعمل بخلاف العلم الصحيح ولهذا كان السلف يقولون ( احذروا من الناس صنفين : صاحب هوى قد فتنه هواه وصاحب دنيا أعمته دنياه) ويقولون احذروا فنتة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون . وأصل كل فتنة هو من تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين
كتبه الفقير إلى عفو ربه الباحث / مجلي بن عبدالرحمن بن مجلي آل جلاليل