الحصون الإبريزية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أمابعد
فقد أصبحت الأيدلوجيات في الأزمنة المتأخرة تشكل أمراً هاماً في تحقيق الدراسات الإستراتيجية , والأهداف العسكرية , والمصالح السياسية , والخطط الاقتصادية , والأنماط الاجتماعية , والتوجهات الثقافية , وتحدد النتائج على أرض الواقع بالإيجابيات والسلبيات.
ومن المهم إدراك فقه الواقع على النحو المطلوب , حتى لا يظهر الإرتباك والعشوائية والعجز في اتخاذ القرارات ؛ مما يؤثر بالسلب على التخطيط للمستقبل لتطوير واقع الأفراد والمجتمعات في الأمة الإسلامية , ومن المعلوم أن المقدمات الصحيحة لا بد أن ينتج عنها عواقب سليمة ونتائج سديدة , فحاجة الأمة ماسة لاستعادة مكانتها والجدية في تطوير مناهجها ؛ فلا يخفى على العقلاء أن مناهج الرخاء لا تنتج للأمة قادة للأزمات , ولذا علينا أن نعي أن لكل واحد واجباً موكلاً عليه شخصياً ببث روح العمل الجماعي فيمن حوله مع استفادة أفراد المجتمع من القدرات البشرية والمقدرات الطبيعية وتناقل الخبرات والتجارب بينهم , وهذا - مما لاشك فيه لابد أن ينتج عنه إشراقة أمل ونظرة تفاؤل أن المستقبل للإسلام مهما كانت الظروف والتحديات , وخاصة إذا أدرك كل فرد في المجتمع الإسلامي أنه على ثغر من ثغور الإسلام ؛ وهذا يتضح من خلال تصرفاته وممارساته ؛ مما يساهم في رفع راية الدين وحماية حرماته , أما إذا لم يدرك المسلم هذا الواجب فقد يتسبب في ذهاب ريح الأمة وحضارتها وجعلها عالة على غيرها من الأمم والحضارات.
وإذا نظرنا - بعين الحيادية والخلفية الشرعية - إلى ربيع الشعوب العربية , وخريف الحكومات الكرتونية , وتدافع صراعات الحضارات الزائفة والتيارات الوهمية باختلاف أيدلوجياتها , وسرعة التغيرات السياسية على جميع الأصعدة ؛ فإنه يظهر جلياً لنا - ولكل مستبصر - التخبط الواضح والتساقط الملحوظ من بعض من ينتسبون للإسلاميين - فضلاً عن غيرهم - وذلك بدخولهم هذه المعتركات الخطيرة والوقوع في دهاليز الإعلام وإلتواءات السياسات وشرذمة الأفكار , ويقع في هذه المستنقعات مَن ابتعد عن المعين الصافي وجفت روحه من الوحي الإلهي.
فينبغي للعقلاء إدراك حقيقة الأحداث خلال هذه الحقبة من تاريخ الأمة , وتحصنهم بالحصون الإبريزية بتشرب قلوبهم بالثقة واليقين أن النصر لهذا الدين وأهله , وارتواء أرواحهم بالإيمان , مما يدفع جوارحهم إلى العمل الدؤوب للفوز برضا الرحمن - تبارك وتعالى - , وإحياء شرائع الإسلام وذروة سنامه والإعداد له بأنواعه , والتسلح بالعلم الشرعي على منهج سلفنا الصالح , ودفع عجلة الإصلاح بين الأفراد والمجتمعات والحكومات , وزيادة الوعي والإدراك بنهاية الأفكار الشاذة والتيارات المخالفة , وكل هذا حمايةً للمعتقدات والمسلَّمات والمكنونات وحرصاً على التزود من الزاد الحقيقي بالتقوى والعلم النافع والعمل الصالح لمواصلة المسير إلى رب العالمين , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبو خلاد ناصر بن سعيد السيف
20 ذو الحجة 1432 هـ
abuklad@hotmail.com