بكاء حافز وقهقهة مجلس الشورى
الحمد لله الذي أنعم علينا بالبساطة والعقل , وهاتان الاثنتان كفيلتان بأن تحفظ لنا فطرنا سوية , وكفيلتان بأن تجعلنا كأجزاء الجسد الواحد في إحساسنا ببعضنا البعض في منأى عن الغطرسة والبحث عن المصالح الشخصية , لأننا نعيش في مستوى واحد , وبهموم موحدة , وآمال متشابهة , ولا غرابة في ذلك فالدين هو الإسلام , واللسان عربي , والمجتمع سعودي لا تختلف أهدافه السامية مهما اتسعت رقعته واختلفت عاداته , فالحمد لله أخرى على نعمه العظيمة .
تصريحات بعض المسئولين كباراً وصغاراً هذه الأيام تذكرنا بأبطال المسلسلات الرمضانية , فالشخص واحد ولكنه كل يوم يظهر لنا بحالة نفسية مختلفة عما قبلها أو بعدها , مما يمنحنا نفس الشعور الذي مر بنا عندما أضعنا أوقاتنا بمتابعة تلك المسلسلات , فتارة تصريح يضحكنا , وتارة آخر يحزننا , ومن أهم التصريحات التي تحظى برواج واسع بين أفراد الشعب السعودي هذه الأيام هي تلك التي تخص البرنامج الأكثر متابعة على شاشات الكمبيوتر ( حافز ) والتي عادة لا تخلو من عبارة ( لا يعني بالضرورة أن الشخص أصبح مؤهلاً للحصول على معونة ) وما قادني لذكر ذلك هو تساؤل دائم يخطر على البال , ألا وهو : إن أصبح هناك مؤهلات من بنات البلد للحصول على المعونة , فكيف سيستلمنها و( بنوكنا الموقرة ) ما بين صائمة عن فتح الحسابات للنساء , وبين مشترطة مبالغ محددة لفتحها , وبين طاردة لهن من منّة حافز الذي عجز القائمون عليه عن وضع نموذج خطاب موجه للبنوك كي تستكمل الطلبات .
طبعاً الحديث عن البرنامج أو البنوك هو مجرد مضيعة للوقت لا أكثر , هذا ما أثبتته متابعتنا الدائمة لوسائل الإعلام , لذلك سآخذ منحى آخر وأتحدث عن حقوق المرأة السعودية علني أجد من يلقمني حجراً من هؤلاء المسمين أنفسهم بالباحثين والباحثات عن حقوقها .
أسابيع تمرّ والنساء السعوديات ( يتمرمطن ) في ممرات البنوك , ويأخذن نصيبهن من الاستذلال المصرفي كما أخذه الرجال من قبلهن , وخلال هذه الأسابيع لم نر من يتحدث عن حقوق المرأة السعودية في هذا الشأن , وكأن هؤلاء المتقدمات لهذا الحافز لسن من هذا البلد , وكأن شهاداتهن العليا أو الأقل من عليا لا يعتد بها لأنها من جامعات محلية , وكأن القهر والتعب الذي يهدى لهن في رحلة البحث عن عمل لا يعني للمجتمع شيئاً , وكأن بكائهن من مماطلة البرنامج والبنوك أمور عادية لا تستحق الاهتمام , وإلا كان للغيورين كلمتهم في كل مكان .
في الوقت ذاته نجد الباحثين عن حقوقها الضائعة يقهقهون فرحين بدخولها مجلس الشورى , وبالتأكيد لن تدخل مجلس الشورى سعودية قدمت على برنامج حافز , فهل المرأة السعودية هي التي لا تحتاج لمعونة وتعيش في ترف وتبحث عن منصب وكيلة وزارة أو عضوة بمجلس شورى أو قيادة للسيارة أو سفر بلا محرم , أم أن هناك مفهوم آخر لسعودة النساء نحن لا نعلمه !!
أغلب الحاصلين على شهادات كبيرة بكبر أجسادهم لا عقولهم وإحساسهم يبحثون عن حقوق النساء السعوديات , وأغلب النساء السعوديات اللاءِ يعشن على أرض الوطن يبحثن عن أي طريقة لفتح حساب في أحد البنوك لإتمام التقديم على حافز ( مع التذكير بأن فتح حساب لا يعني بالضرورة أن الشخص أصبح مؤهلاً للحصول على معونة ) , وكل في فلك يسبحون , حيث أنه لا علاقة بين الفريقين , فهؤلاء يبحثون عن مصالحهم , وهؤلاء يبحثن عن حقوقهن , وحتماً هناك حلقة مفقودة , أو بمعنى أصح : هناك حلقة مخبأة في مكان ما يصعب العثور عليها
عبدالله الكناني