الفراغ العاطفي
ترى كم منا اليوم هو بحاجة ماسة لإشباع فراغه العاطفي ؟
وكم منا اليوم من هو بحاجة أن يروي ظمأه العاطفي ويُسكن جوعه العاطفي ؟؟
لاشك أن الكثير منا بحاجة لتلك الوصفة العلاجية التي تمنحهم الأمن العاطفي والاستقرار النفسي
وأتخيل لو كانت تلك الوصفة العلاجية موجودة بالفعل فهل ستبقى على أرفف الصيدليات لفترة طويلة ؟
اشك في ذلك لان الناس سوف تدفع ما تستطيع للحصول عليها ، ولكن السؤال هل كي شي يشترى بالمال ؟؟
نحن لسنا في حاجة لإخفاء جوعنا العاطفي والتظاهر بعدم وجوده أو إشباعه فمؤشرات هذا الجوع أو الفراغ أو الفقر أن شئت واضحة وفاضحة من بعض التصرفات اللاإرادية التي تتحول مع مرور الوقت إلى تصرفات إرادية
و ما لم يستطيع الإنسان أن يشبع فراغه العاطفي بشكل متزن ومعقول ومشروع فإن ذلك قد لا يكون في صالحه فيما بعد . وان كنت تستطيع أن تخفي حبك المتأجج لشخص ما واشتياقك له فسوف تستطيع أن تنجح في إخفاء مشاعرك نحوه وفي إخفاء فراغك العاطفي والتغلب عليه ولكن ماذا لو كان الشوق فاضح .. والملامح ليست هي الملامح . ماذا لو سكت أنت وداريت على نفسك فهل يسكت غيرك ويلاحظ ذلك ؟؟ نعم لسنا بحاجة لإخفاء فراغنا العاطفي ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه :
أي نوع من العاطفة تنقصنا ؟؟وأي جانب من العواطف الإنسانية بحاجة لأن يكتمل بداخلنا ويشعرنا بالاستقرار العاطفي في حياتنا اليومية ؟؟
هل هي عاطفة لوالديه ( الأمومة والأبوة )التي تكاد أن تنقص الكثير منا بحيث ترى بعضنا يحن أن يضع رأسه على صدر أمه ليبوح لها بكل شيء أو أن يجد أبا متفهما له يجد فيه مستودعا لأسراره
هل ما نحتاجه هو عاطفة أن نشعر بوجود أو بقرب من نريده أو نحلم به ونرتاح إليه ونثق به ونشعر أن حياتنا متعلقة به ؟؟
هل نحن بحاجة فعلا إلى وجود الطرف الآخر الذي يملأ حياتنا ويضفي عليها السعادة ؟؟
شيء مؤلم حقا أن يعيش مع أسرته تحت سقف واحد لسنوات طويلة ومع ذلك لم يرتو من عاطفة الحنان والعواطف الإنسانية الأخرى ، يغدق على غيره من حبه ولا يجد منهم شيء !!
أين دور من هم معه في المنزل ؟
لا أحد يعلم .. شيء مؤسف أن يعيش هذا الإنسان المحروم عاطفيا بينما الطرف الآخر في واد آخر لا يشعر به ولا يحس بمعاناته العاطفية
من المؤسف أن الكثير منا اليوم يجهل ما تعنيه العاطفة للإنسان وما يمكن أن تقود إليه على المدى البعيد ، وكيف يمكن أن تؤثر على من يفتقدها بشدة
الكثير يجهل أن الكلمة الطيبة في حد ذاتها تحمل عاطفة جياشة ، يجهل ان الابتسامة الرقيقة تحمل عاطفة الصدق والأجر ، الم يقل عليه السلام ( تبسمك في وجه أخيك صدقة )
يجهل أن الطبطبة الحانية على الكتف تحمل عاطفة الحنان
يجهل أن التشجيع الدائم والثناء المحمود للأبناء والآخرين هو نوع من الوسائل الفعالة التي تشبع العاطفة الإنسانية
نجهل الاستماع للآخرين بإنصات واحترام آرائهم وتفهم ظروفهم بصدق والتعاطف معهم وبالذات مع اقرب الناس هو نوع من الأدوات التي ضاعت في مهب الريح !
قد يتساءل البعض وكيف اشعر أنني جائع عاطفيا أو أن بداخلي فراغ عاطفي لم يشبع بعد فنقول :
أن الفراغ العاطفي ليس عيبا فهو موجود لدى كل منا بدرجات متفاوتة ، فشعورك أو حاجتك للحب وافتقادك إلى من يعطيك إياه أو يوفره لك هو أبسط أنواع ذلك الجوع العاطفي الذي يظل بحاجة لإشباع معقول يشعرك بإنسانيتك
شعورك بعدم من يتفهم وضعك وينصت إليك ويراعي مشاعرك داخل المنزل أو خارجه هو نوع من الاحتياج العاطفي الذي تحتاجه
شعورك بأن من حولك يسيء معاملتك ويفاضل بينك وبين أخوتك او أخوانك مثلا هو نوع من العدل العاطفي الذي تبحث عنه
شعورك بعدم جدية من معك في تحقيق ما تريد وما تتمناه رغم قدرتهم على ذلك هو نوع من الإهمال العاطفي الذي تتمنى لو تحول إلى اهتمام عاطفي
أشياء كثيرة لا يتسع لها المقال ولكننا يمكن أن نوجزها في الجملة التالية وهي :
عندما تشعر بشيء داخلي نفسي ينقصك ولا تستطيع تحقيقه ويؤثر على سير حياتك فأنت في حالة فراغ عاطفي ولكن تأكد مرة أخرى أن هذا مسألة نسبية وليس مرضا بقدر ما هو احتياج نفسي ملح من الأفضل إشباعه ولو بشكل معقول
إذا كنت ممن لا يشعرون بالفراغ العاطفي فاحمد الله وكن تذكر أن هناك من هم بحاجة لجزء من وقتك الثمين معهم
تذكر أن هناك من بحاجة لجزء من الحب الكبير الذي يحتويه قلبك ، بحاجة لمن يرتوون بجزء من حنانك الذي تختزنه بين أضلعك
كن كريما وأغدق عليهم دون بخل وتذكر ان من تغدقهم بحبك وعطفك وحنانك قد يكونوا احد أفراد أسرتك ممن هم أولى بغيرهم بل حتى أولئك البعيدون عنك مكانيا بحكم صعوبة الظروف فهم بحاجة لعطفك وحنانك فلا تتخلى عنهم
أما أن كنت بالفعل كذلك لا تبخل على من حولك بعاطفتك وأحسبك كذلك ، فدعني أقول لك بارك الله فيك وأكثر الله من أمثالك وما أحوج المجتمع لإنسان مثلك
وللجميع دوام الصحة وموفور العاطفة (بتصرف للكاتب الاجتماعي د ـ فهد المغلوث)
********************
أعزائي :
أن الأسرة لها دور كبير في تلقين الأبناء الحب أو فن الحب الصادق والسليم وهناك دعامتان أساسيتان في إنماء الحب في المنزل وإقامته على أركان سليمة وهما:
ضرورة إشاعة هذا الحب في داخل المنزل
والاختلاط السليم داخل الأسرة والمجتمع تحت التوجيه والرعاية من الأسرة وتدريب الأبناء على هذا الحب والعلو به
والفراغ العاطفي مصدره من المنزل بلا شك وهو نتيجة نقص مشاعر الحب والحنان من الوالدين فالابن والبنت لا يسمعون كلمات الحب الصريحة مثل ( أنا احبك ) مع قبلة حارة
لا يرى الشاب والفتاة من و يصاحبهم أو يحاورهم في مشاغله أو يستمع لشكواهم
ونتيجة لهذا النقص في كلمات الحب ينشأ الفتى والفتاة وهما يعانيان من فراغ عاطفي
فتبحث الفتاة عن من يشبع هذه الغريزة وكذلك الفتى
يبحثان عمن يقول لها أني احبك وتبحث عمن يقول لها أني احبك
ولطبيعة العادات والتقاليد البعض من الأسر ترى من العيب أن تقبل الأم ولدها أو أن يقبل الوالد ابنته فأصبحت هناك جسور كبيره بين الأبناء ووالديهم حتى أن البعض يهم بذكر مشكلته أيا كانت لصديقه ولا يتفوه لها بوالديه
لوجود تلك الحواجز ولكي نتطرق للعلاج هذه الظاهرة لابد أن نقف على أسبابها ومن تلك الأسباب :
أسلوب القسوة في التعامل مع الأبناء ونعتهم بالكلمات القاسية
انعدام الحوار في الأسرة والاجتماع فيما بينهم
عدم اجتماع الأسرة حول مائدة الطعام وعدم احترام تلك الأوقات فكل شخص يأخذ طبقه الخاص بالطعام ويتناوله بمفرده
انشغال الأب والأم بالعمل خارج المنزل في عمل أو زيارات
لايوجد احتضان أو كلمة حب تقال وتتبادل بين الأبناء ووالديهم
وسائل الأعلام وما تبثه عبر قنواتها من أفكار وعلاقات حب غير سليمة مع الجنس الآخر
انفصال الوالدين أو احدهما أو الموت
وغيرها من الأسباب
وهناك أفكار مقترحة لحل مثل هذه المشكلة مثل :
لا بد أن يكون لوسائل الإعلام دور فاعل وتوجيه الحب التوجيه السليم لا المنحرف الذي يزرع في نفوس الشباب ذلك
الذهاب مع الأبناء في نزهة قصيرة ويخصص لها ولو يوم بالأسبوع إذا كان الوالدين من ذوي الأعمال الخاصة واللعب مع الأبناء
إشاعة جو المرح في المنزل وفتح باب الحوار ويخصص لذلك يوما أو يومين في الأسبوع
تجنب الكلمات القاسية والتجريح والاستهزاء بأي عمل يقوم به الأبناء
تشجيع الأبناء على الحوار والمناقشة
أن تلتزم الأسرة بمواعيد ثابتة لتناول الطعام والتحدث عن الهموم والمشاكل اليومية
أن يبدأ الأب هو في التحدث وكذا الأم ثم يسألان الأبناء عما حدث لهما
التوجيه الإرشاد بلطف وحزم عندما يرى سلوك سلبي
كذلك على الشاب والفتاة أن يسميا هذا الحب ويعلوان به إلى حب الله ورسوله
وان يجاهدا نفسيهما على التغلب على وساوس الشيطان
فإنه أن عظم الإيمان في القلب استطاع الإنسان بإذن الله التغلب على هذه المصاعب بمجاهدة النفس وفي هذا الأجر العظيم .
د . عبدالله كليب العنزي
للتواصل
ser_alouoon@hotmail.com