وين محماس ؟ بالبوفيه !!
في إحدى محافظات المملكة الحالمة كنت مسافراً لها قاصداً زيارة جدتي وأنا في الطريق في ساعة متأخرة من الليل وحيداً أترنم برائعة نداء وحداء (جدتي جدتي حلوة البسمةِ.. لم يزل حبها ساكناً مهجتي.. ) فأنظر إلى القمر و أنا منهمك في تلك المعاني الراقية التي تحملها الأغنية..
وصلت لهذه المحافظة بعد عناء و وعثاء السفر وقلة خدمات المسافرين بالطرق و أنا أطلق عبارات الاستياء هنا و هناك .. قطعت تذمري حينما وصلت عند بيت جدتي (المُتهالك) .. طرقت الباب وأقبلت جدتي تفتح ما سمي أنه باب دخلت وقبلت جبينها وجلست معها احتسي القهوة العربية وأسألها عن أحوالها حمدت الله وشكرته على نعمته .. فبادرتها عن سؤالها عن هذا المنزل الشعبي المتواضع الذي يكاد أن يقع على رؤوسنا .. فردت جدتي بأسى: والله ياوليدي مالقينا غيرة يقولون الأرامل يمنحونهم أراضي وأم طلال أخذت وأم عيد أخذت وأنا مقدمه قبلهم ولي خمس سنين وما طلع لي شيء.. غضبت بشدة وضربت على صدري وقلت لها بغضب: أنا بكرة براجعهم وأشوف وش صار بالمعاملة ..
وفي الصباح الباكر ذهبت إلى مبنى البلدية ولم أجد ألا عامل النظافة وسألته: أين الموظفين . وقال لي: ساعة تسعه يجي .. جلست أنتظر ساعة كاملة حتى بدأ الموظفين بالتوافد الواحد تلو الأخر .. ذهبت إلى الاستقبال وشرحت له موضوع جدتي الأرملة وقال لي: أذهب إلى الكمبيوتر وعندما توجهت للكمبيوتر ولم يكن كمبيوتر كما يقولون أنما كان شخص يلبس النظارات يجلس خلف حاسوب قديم الطراز وهو يلعب سوليتير سلمت عليه وشرحت له عن معاملة جدتي وقال لي: معاملتك عند محماس .. قلت له: وأين محماس؟ .. رد: يمكن بالبوفيه !!
خرجت من الكمبيوتر وانتظرت كثيراً وذهبت إلى مكتب كأنه أرشيف ووجدت موظفاً بالشماغ البرتقالي الهدب القديم والعقال المرعز الأثري .. سلم علي ورحب بي وكأنه فرح جداً بلقائي .. بادرته وسألته عن محماس ورد علي يمكن بالبوفيه !!
رجعت إلى مقاعد الانتظار والتي ألفت عليها وطال انتظاري واقترب وقت صلاة الظهر وقلت في نفسي: سأدخل على المدير .. استجمعت قواي وما لدي من فن الخطابة واللباقة ودخلت على المدير والحقيقة كان شخص بمنتهى حسن الأخلاق والتعامل الحسن فقد كان في المكتب يدخن ويشفط الزقارة ويخرج أبخره من خياشيمه سلمت عليه وشرحت له موضوع جدتي وقال لي: ايه موضوعك عند محماس .. قلت له: وأين محماس؟ .. قال لي: في مكتبه .. قلت له: لم أجده .. قال لي: ما عليك تلاقيه بالبوفيه شوي ويرجع !!
رجعت إلى مقاعد الانتظار وكلي حنين لها لطول فراقنا وجاء وقت صلاة الظهر صليت وبعد الصلاة ذهبت إلى الاستقبال والغضب يعتريني وسألت الموظف سؤالاً بنبرة حادة: هاه ما جاء محماس من البوفيه .. رد علي الموظف: ألا جاء شفه وراك .. وأخيرا وبعد عناء طويل وجدت محماس وكنت سأقبله من فرط شوقي له .. سلمت عليه وأخبرته عن موضوع جدتي والذين بمثل وضعها أنجزت معاملاتهم واستلموا المنحة .. قال لي: متى تاريخ المعاملة ؟؟ رددت عليه: قبل خمسة أعوام .. رد علي بغضب: جايني آخر الدوام تبيني أدور معاملة من خمس سنين ما فيه وقت الدوام خلص تعال يوم السبت بس لا تنسى تعال بدري ما هو تجي آخر الدوام !!
تركي الحربي