×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الأزمة الحقيقية والقوة الداخلية

الأزمة الحقيقية والقوة الداخلية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أمابعد

فإن المتأمل في أحوال الأمة الإسلامية في هذا الزمان عموماً ومع هذه الأحداث الراهنة خصوصاً التي يشاهدها العالم بجميع وسائله الإعلامية يجد أن هناك خللاً عظيماً يغفل عنه كثيرٌ من المحلليين السياسيين والإعلاميين ، ووصلت هذه الغفلة إلى بعض الإسلاميين وهو أن أعظم سبب في هذه المتغيرات الحالية على مستوى الأفراد والمجتمعات والحكومات هو البُعد الكلي أو الجزئي عن تطبيق الشريعة الإسلامية ، وهذه هي الأزمة الحقيقية التي تعيشها الأمة الإسلامية في هذا الزمان.

وقد سطَّر العلامة ابن القيم الجوزية - رحمه الله تعالى - كلاماً نفيساً يخرج من مشكاة الكتاب والسنة عند تفسير قوله تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) فقال : ( وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله ، وإقامة معبود غيره ومطاع متبع غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ هو أعظم الفساد في الأرض ، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود ، والدعوة له لا لغيره ، والطاعة والإتباع لرسوله ليس إلا. وغيره إنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول، فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته ؛ فلا سمع له ولا طاعة، فإن الله أصلح الأرض برسوله ، ودينه ، وبالأمر بتوحيده ، ونهى عن إفسادها بالشرك به، وبمخالفة رسوله. ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله ، وكل شر في العالم ، وفتنة ، وبلاء ، وقحط ، وتسليط عدو ، وغير ذلك ، فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله. ومن تدبر هذا حق التدبر، وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين ، وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه ، وفي حق غيره عموماً وخصوصاً ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم).

وأما القوة الداخلية للأمة الإسلامية ، فالأمة بحاجة شديدة إلى إثارتها بتفعيل إيمانها بربها - سبحانه وتعالى - وأن يحرص العلماء الراسخون والدعاة إلى الله تعالى - على منهاج النبوة على استغلال الفرص في هذه الأحداث الراهنة بدعوة الناس إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ونبذ ماسواها من الأنظمة والدساتير الظالمة والمقيتة وتعريتها أمام الناس ، وكذلك الحرص على ترسيخ السنن الإلهية بأن الحق غالب - بإذن الله تعالى - ولو بعد حين وأن العاقبة والفلاح للمتقين كما قال تعالى : ((وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)) وقال تعالى : ((وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)) وقال تعالى: ((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)) ، وقال تعالى : ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) وقال تعالى : ((إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)) ، وكذلك الحرص على ترسيخ السنن الإلهية بأن مصير أعداء الدين من الكفار والمنافقين في الداخل والخارج الاضمحلال والهلاك والدمار ، كما قال تعالى : ((لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)) وقال تعالى : ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) وقال تعالى : ((وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)) وقال تعالى : ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) وقال تعالى : ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)).

وختاماً ... فإن أمة الإسلام في الوقت الحاضر لا تملك كثيراً من الإمكانات المادية والتقنية بجميع أنواعها ، ولكنها تملك شيئين مهمين ؛ العمل بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ، ثم استغلال الطاقات والثروات البشرية المتزايدة والمتزودة بزاد التقوى والإيمان ، ولن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أبو خلاد ناصر بن سعيد السيف
15 رجب 1432 هـ
abuklad@hotmail.com
بواسطة : admin
 0  0  10788

الأكثر قراءة

سمير المقرن الحادثة التي نشرتها جريدة «اليوم» بداية هذا الأسبوع...

03-17-2010 06:11 الأربعاء

لأول مره التعبير عن التعبير عوض الأحمري منذ أن حملت مع أبناء...

06-28-2010 06:05 الإثنين

نشرت صحيفة «الغد» الأردنية في عددها الصادر يوم 21/2/2010 الإعلان...

03-13-2010 06:52 السبت

المقابلات الشخصية للضرورة أم للمحسوبية مسفر القحطاني...

06-26-2010 10:30 السبت

ترقبوا ؟؟؟ نورة الاحمري لقد كان من كم يوم هدية من خادم...

09-05-2010 11:10 الأحد

لعنة000الكرسي !البعض يعتقد انه الأمر الناهي منذ أن يتسلم مسؤولية...

09-02-2010 11:38 الخميس

محتويات

التربية بالسكاكين

التربية بالسكاكين

سمير المقرن الحادثة التي نشرتها جريدة «اليوم» بداية هذا الأسبوع عن تعرض طالب لم يتجاوز عمره إثني عشر عاماً..

03-17-2010 06:11 الأربعاء   90954
لاول مره التعبير عن التعبير

لاول مره التعبير عن التعبير

لأول مره التعبير عن التعبير عوض الأحمري منذ أن حملت مع أبناء هذا الوطن حقيبة المدرسة وأنا أتلقى و أتلقن مواضيع..

06-28-2010 06:05 الإثنين   98581
وظيفة سعودية في صحيفة أردنية

وظيفة سعودية في صحيفة أردنية

نشرت صحيفة «الغد» الأردنية في عددها الصادر يوم 21/2/2010 الإعلان التالي: «فرصة عمل في المملكة العربية السعودية، مطلوب..

03-13-2010 06:52 السبت   89128
المقابلات الشخصية للضرورة أم للمحسوبية

المقابلات الشخصية للضرورة أم للمحسوبية

المقابلات الشخصية للضرورة أم للمحسوبية مسفر القحطاني دخلت في الآونة الأخيرة عملية إجراء المقابلات الشخصية..

06-26-2010 10:30 السبت   91446

جديد الفيديو