دعوة إلى التسامح
أحبتي / إن من أسمى معاني القيم الإنسانية والمبادئ العظيمة التي نادى بها وأقرها الإسلام التسامح ،
والتسامح هو نسيان آلام الماضي والحاضر ، والعفو عن الناس بكامل إرادتنا .
والتسامح لغة خاصة وراقية لا يعرفها إلا من أراد الله بهم خيراً ومن أراد الله لهم تطهيراً من الغل والحسد
والحقد، والتسامح ليس الضعف والذل و الانهزام كما يظن البعض فهذا ليس المقصود به ، بل التسامح
مع الآخرين وأنت في قمة قوتك إيماناً وحلماً منك تجاه الغير ، نحو بناء نفس آمنة مطمئنة ، بل هو طهر
ونقاء وسمو وجمال وخير وأجر وبركة وسرور ، وراحة للضمير والبدن وكسب للأجر من الله سبحانه
وتعالى والفوز برضوان الله وتحقيق للعبودية التي أمرنا الله بها .
وقد حث الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
آل عمران (134) وقال تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف ( 199).
ورسولنا الكريم خير من حمل هذا المبدأ العظيم والسمة الراقية ، فلقد سامح وعفا عن أهل الطائف
بعد أن رشقه السفهاء بالحجارة واعتذاره من جبريل وملك الجبال عليهما السلام ، ورفضه إطباق الأخشبين عليهم
وسماحه لأهل مكة في فتح مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء وتنازله عن حقه ( صلى الله عليه وسلم) مع الإعرابي الذي
طلبه مالا وكاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يبطش به لكنه صلى الله عليه وسلم عفا عنه وأعطاه.
ولنا عبرة في قصة نبي الله يوسف عليه السلام مع إخوته وتسامحه معهم وتنازله
عن حقه ( قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) يوسف (92)
نحن بحاجة إلى تعميم ثقافة التسامح والتنازل والعفو عن الآخرين ، فهي نقاط مهمة وجسر تواصل رائع
يسهم في تكوين علاقات أخوية على جميع المستويات ، ويرفع من درجة الإيمانيات والحب والإخاء والصفح
بين الناس ويدحر الشيطان ، ويزيد من الأجر ويقلص الذنوب ويردم الفجوات بين المتخاصمين بحثاً عن
مجتمع إسلامي واع ومطمئن .
واليكم أحبتي هذين البيتين الجميلين
قال أحدهم
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
وفارق ولكن بالتي هي أحسن
وقال الإمام الشافعي سامح صديقك إن زلت به قدم
فليس يسلم إنسان من الزلل
أحبتي / نحن بحاجة إلى التسامح مع الجميع مع الوالد والوالدة أولا ثم الانطلاق إلى
الأقرباء والجيران والأصدقاء والقريب والبعيد والصغير والكبير ، وحتى الحيوانات ، فما أجمل
التسامح مع الجميع وحبذا مع الآخرين من الجاليات والديانات الأخرى وكافة شرائح المجتمع
وتوضيح أن ديننا دين رحمة وعفو وتسامح وتصافح حتى ترق قلوبنا وتزداد محبتنا ونرضي
ربنا سبحانه وتعالى .
وكتبه د. عون عبد الله آل شعلان القرني
droun77@yahoo.com