عندما نجيد فن التشاؤم و نهمل أبجديات التفاؤل
كل عينة من البشر لديها استعدادات نفسية وفسيولوجية للإقبال على الحياة والاستمتاع بمباهجها,رغم كثرة عوائقها و انتشار أشواكها على سطح أرضها و إصرار بعضهم العبور على جسورها الشاهقة الارتفاع على الرغم من إمكانية سقوطهم دون الاكتراث أو التبرم من كثرة مصاعبها أو إعلان غضبهم من أول ابتلاء أعدته لهم تهويلهم صعوبة تسلق أسوارها والمشاركة في القضاء على عثراتها.
وعلى العكس من دلك,هناك شريحة من الناس لديها قابلية عظمى للتشاؤم وتلوين حياتها باللون الأسود القاتم,بل أنها تبدع في رسم سياج منيعة وأبواب مغلقة وأسوار شاهقة,إضافة إلى كثير من الحفر والمتاهات التي ترسم شخصها في أرجائها,أما بالنسبة للألوان فقد تنوعت بين الأسود الباهت ودرجاته,حتى آدا انتهت من رسم تلك اللوحة القاتمة بريشتها التالفة وبطريقتها السوداوية للحياة,لا تتأخر في تصديقها والانسياق خلف أحاسيسها والتجول بين أزقتها,لا يتأخر حضرة المتشائم بالتركيز على المساوئ فقط,فتجده يهمل ايجابيات دلك الكائن أو مزايا داك الجمال ويصب اهتمامه فقط على سيئاته وقصوره,لقد عمد إلى نقل الصورة السوداوية التي ينظر من خلالها ويحجبها عن كل من حوله,فهو لا يرى من الحياة سوى قاعها وقسوتها,كما أن عمله لم يستفد منه,بل على العكس أضاف على عاتقه هما آخر إضافة إلى همومه,أما أبناؤه فكل ما يذكره بهم أنهم الشقاء بعينه,فهو من تعب لأجلهم وتحمل أعبائهم وسهر على راحتهم على الرغم من أنهم بالتأكيد سينكرون معروفه ويتجاهلون وجوده عندما يشيخ من وجهة نظره.يعتقد بأنه وحده في الكون الذي يعاني وغيره يعيش أسعد لحظات حياته,يظن أن القدر اختاره وحده ليكون أتعس إنسان على وجه الأرض,كيف لا وهو يشعر بالآلام الآخرين بينما هم لا يلتفتون إليه,كيف لا وهو يملك الضمير والصدق والحب والخير والوفاء إلى كل الناس بينما هم لا,أما آخر وساوسه فتتلخص بأنه وحده الذي يسعى ويكد في هده الحياة أما غيره من المتفائلين فهو يزعم بأنهم يبالغون في درجة تفاؤلهم وانفتاحهم للحياة,بل ربما يطالبهم بالاستسلام ويحاول إحباطهم ليكونوا مثله,ولأنه من الصعب أن يكون متفائلا سلسا مثلهم,يبدل قصارى جهده ليكونوا هم مثله.
وأخيرا:آدا كان هناك مواقف صعبة مررنا بها وظروف شائكة تعرضنا لها فلا بد أن نعطي لأنفسنا العذر نظير تجرعنا قسوتها,ولكن دلك لا يعطينا الحق في التطاول على أنفسنا بترك آثارها السيئة علينا تتحكم في نظرتنا للحياة بصورة سوداء.
قبل الأخير:آدا اضطررنا لسبب ما أن نسرد أسباب تشاؤمنا فلا نغفل أن نسرد بجانبها الحلول والنتائج التي من شأنها أن تبث روح التفاؤل في أعماقنا.
نورا الحناكي