حسب المصلحة
حينما يحلّ المخول بالإشراف على الموظفين ومتابعة أدائهم ضيفاً دائماً متجهم الوجه عبوساً قمطريراً , وبعد أن يتفقد كل صغيرة وكبيرة , يطلب اجتماعاً مغلقاً لكل واحد منهم على حدة مهما كان موقعه , ويبدأ في سرد الأخطاء والمساوئ التي نبشها من بين المجهودات , ولا يتطرق لذكر أي لمحة إيجابية أو إنجاز , ويتعذر لذلك بكونها كثيرة جداً ولا يتسع المقام لحصرها , أما السلبيات التي ملأت أوراقه بحق أو بدون وجه حق فهي قليلة جداً , ولذلك فإيرادها أسهل وأجدى نفعاً ليتم معالجتها وتلافيها مستقبلاً , وهذه النظرية الرقابية جميلة لو أُديت بإخلاص وسلمت من الاجتهادات الفردية , ولكنها كلمة حق أريد بها باطل ..
هذا يحدث مع صغار الموظفين الذين يخدمون فئة من الناس لا يتجاوز عددهم بضعة آلاف لو بالغنا , ولكن حين يحلّ ذات المخول بوجه آخر ينتشي فرحاً ويتمثل ( ابتسامتك في وجه أخيك ) على موظف كبير ومسئول مرموق مركزه يخدم عشرات بل مئات الآلاف من المواطنين وربما الملايين , تجده إلا ما ندر - يخرج بتقرير أشبه بقصيدة عصماء يعدد الإيجابيات , ويتغنى بالإنجازات التي يقلّ منسوبها وينخفض انخفاضاً شديداً عن سلبيات المسكين الأول , ولا تجد في التقرير أي نقطة سوداء أبداً أبداً أبداً ..
فيا تُرى تم الإفصاح عن إيجابيات ذاك الفخم لأنها أقل من سلبياته كما حدث في المرة الأولى ؟!
أم أنهم يرون بأن الموظف الصغير ليس كفؤاً بأن تكون له إيجابيات حتى تُذكر ؟!
أم أنها حسب المصلحة ؟
عبدالله الكناني