الوطن للجميع
تلك بعض كلمات خادم الحرمين الشريفين في افتتاحه أعمال السنة الثانية للدورة الخامسة لمجلس الشورى التي أسمعها الجميع بوضوح.
إنه الحديث عن الوحدة الوطنية ومتطلباتها حيث على الجميع كل في موقعه اليقظة والإحساس بالمسؤولية المشتركة على أساس واضح هو أن الوطن للجميع ليس لمنطقة دون أخرى ولا قبيلة دون أخرى ولا طائفة دون أخرى ولا مركز أو موقع دون آخر، الجميع وبمساواة مسؤولون عن وحدة الوطن وقوته، ومعيار ذلك الانتماء هو العطاء والإخلاص لهذا الوطن هو بذل الجهد والعرق والحس بالمسؤولية من أجل نمائه وتطوره بل وبذل الدم للدفاع عن حياضه، المعيار هو العطاء لا الأخذ والنهب والفساد، بذل الجهد والإخلاص في العمل لا الاستحواذ على الثروة والقوة من قبل أي طرف، المعيار هو البناء وتحقيق المنجزات «مشيرا إلى أن ما تحقق من إنجازات لا يلبي طموحاتنا جميعا والتي نسعى إليها في أن تكون بلادنا في مصاف الدول المتقدمة» لوطن قامت أسسه على دعائم الدين وهنا وفي مكان آخر من خطابه يحدد رؤيته لمشروع الخطاب الإسلامي الذي تتبناه بلادنا انطلاقا من موقعها في العالمين العربي والإسلامي ذلك المشروع «يقوم على الحوار والتسامح وتقريب وجهات النظر وإزالة سوء الفهم ونبذ مظاهر الخلاف والعداء والكراهية بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة عن طريق برنامج الحوار بين أتباع المذاهب والأديان.. ونحن عاقدون العزم على الاستمرار في هذه الجهود» تلك هي الرؤية لمشروع الخطاب لمنارة الإسلام إنها إشارة واضحة لا غبار عليها للجميع لنبذ القبلية والمناطقية والطائفية والإقصاء وإشاعة الكراهية وانتهاج سبل الحوار من أجل تقريب وجهات النظر وإزالة سوء الفهم بين المذاهب والأديان والثقافات، معيار الوطنية إذا هو العطاء والإخلاص لوطن بمشروع حضاري يوحد أبناءه من أجل البناء والنماء ويسعى لوحدة الصف العربي والإسلامي ويعزز الأمن والسلم الدوليين. هذا هو المحك العادل لأبناء الوطن دون استثناء فكلهم «معدن نفيس».
خادم الحرمين الشريفين ينبه الجميع لمسؤولية الكلمة ومفعولها الذي يمكن أن يبني هذا الوطن أو أن تصبح معول هدم «الكلمة أشبه بحد السيف بل أشد وقعا منه وإني أهيب بالجميع بأن يدركوا أن الكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات والغمز واللمز وإطلاق الاتهامات جزافا كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف البناء» بهذا الوضوح يصرح بأن الكلمة التي تفرق ولا توحد هي معول هدم للوحدة الوطنية، الكلمة التي تطلق الاتهامات جزافا هي عبء على الدين والوطن، الكلمة المتهمة والتي تستخدم كأداة لتصفية الحسابات والغمز واللمز لا يستفيد منها غير الشامتين بأمتنا في الوقت الذي يرحب فيه بالنقد الهادف والبناء الحريص على بناء الوطن والذي يكشف المتلاعبين بمقدراته ويعمل على طرح الحلول والمقترحات التي تسد الثغرات وتدعم المنجزات.
ومن جانب آخر يضع مسؤوليات خاصة على الجهات التنفيذية التي يجب ممارستها على أرض الواقع من خلال برامج عملية تمس المواطن مباشرة من أجل تحقيق تطوره ونمائه ورفاهيته، يقول خادم الحرمين الشريفين في هذا الخصوص «لقد أكدنا مرارا على أهمية دعم البرامج الحكومية المتعلقة برفاهية المواطنين وتطويرها وتيسير سبل العيش الكريم ولعله من المهم الإشارة هنا إلى الاستراتيجية الشاملة للتوظيف» إنها رسالة واضحة لكل الأجهزة التنفيذية بأن تكون مهمتها الأساسية هي رفاهية المواطن وتوفير سبل العيش الكريم له وذاك يتطلب بإلحاج حل مشكلة البطالة حلا جذريا ليشارك كل مواطني هذا البلد في بنائه إلى أن يصل إلى مصاف الدول المتقدمة.
لقد تحدث ـ حفظه الله ـ عن تطوير التعليم وتوفير الخدمات الصحية وتطوير القضاء ودور المرأة ومحاربة الإرهاب والفساد وغيرها من المواضيع التي تعتبر منهجا واضحا ليس لمجلس الشورى فقط ولا للجهات التنفيذية وحسب بل لكل المواطنين في هذا البلد، فالوطن للجميع.
( عكاظ )