التدابير الواقية من التعصب المذهبي وأثرها على أمن المجتمع
منقول من رسالتي الماجستير في تخصص العلوم الأمنيه والتي أرغب أن تكون عونا للمثقفين والباحثين في مجال الأمن في المملكة العربية السعودية والدول العربية والإسلامية لأجل اجتماع كلمة المسلمين والتعايش في سلام واحترام وانتفاء البغض والأحقاد وأن يضل الإسلام عزيزا .
فالتدابير الواقية كما أرى هي : مجموعة من الإجراءات التي يتم اتخاذها لمنع الجريمة ، حتى يعيش الناس في أمان ليتمكنوا من أداء واجباتهم الدينية والدنيوية وسوف أحاول أن اذكر أحد التدابير الواقية المتعلقة بالمنهج العلمي وهو : بيان سعة الفقه وأنه صالح لكل زمان ومكان .
من أهم ما يميز شريعتنا الإسلامية سعتها، وصلاحيتها لكل زمان ومكان فهي رسالة إلى البشرية جمعاء وهذا يتطلب منها أن تكون مرنة حتى تسع الناس على اختلاف حاجاتهم ، وما اختلاف الفقهاء إلا دليل على سعة الشريعة والفقه الإسلامي لأنه صادر عن أصول الشريعة وليس صادرا عن هوى أو تعصب .
قال تعالى (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) .سورة الأعراف الآية (158)
قال ابن كثير رحمه الله : ( هذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق كما هو معلوم من دينه ضرورة)
ومن الشواهد التي تدل على سعة الشريعة الإسلامية وأنها صالحة ومصلحة لكل زمان ومكان تنبذ التعصب بجميع أشكاله :
الشاهد الأول : أن الشريعة الإسلامية لم تنص على كل شيء والدليل على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (الحلال ما أحل الله في كتابه ، والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه)
دل هذا الحديث على ان ما سكت عنه سبحانه وتعالى فلم ينص على حله ولاحرمته نصا جليا ولا نصا خفيا إنما ذلك ليعطينا السعة في ملئ هذا الفراغ التشريعي بالقياس على المنصوص أو بالاستحسان وغيرهما من الأدلة المختلف فيها ومن ذلك نجده واضحا في إصدار الأنظمة الإجرائية لنظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية .
الشاهد الثاني: أن ما نصت عليه الشريعة بطريقة كلية ولم تنص على جزئيات مفصلة تصلح لبعض الأزمنة دون بعض ولبعض الأقوام دون بعض .
ومثال هذا قاعدة الشورى .
الشاهد الثالث : ان مانصت عليه الشريعة بطريقة جزئية مما ليس بقطعي أو اجماع قابل لتعدد الاجتهادات ، لأنه لوكان الأمر لا يسع إلا وجها واحدا لضيق على الناس كثيرا ويؤكد هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة). فادرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لانصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم )
دل هذا النص على ان مسار الفقه طويل وشامل جميع الوقائع ، مما يحتم على العبد تصفية الفهم والعقل من شوائب التعصب .
الشاهد الرابع : أن الشريعة الإسلامية وضعت من المبادئ والقواعد الشرعية ما يتسع لكل زمان ومكان .
ولقد حرص المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة على معالجة التعصب وبين ان اختلاف المذاهب الفقهية من حكمة الله تعالى وانه يجعل الأمة الإسلامية في سعة من امر دينها .
ومن مما تقدم يظهر ان الشريعة الإسلامية شريعة فيها كل مقومات العموم المكاني والزماني التي تنبذ التعصب بجميع صوره .
مجلي بن عبدالرحمن المجلي
الباحث في العلوم الأمنية