رسـالتي إلى الملك
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..أما بعد ...
رسـالتي إلى الملك
أيها الملك الموقر : لم تعد مسألة تغريب المجتمع والزج به في أوحال الانفتاح الجائر ، والتفلت من القيود والحدود الشرعية أمر مبهما وغير واضح إلا لغبي أو جاهل ، أو معاند مستكبر ، فنحن مقبلون على أمر أسأل الله أن يكبح جماحه وأن يرد كيد رواده في نحورهم ،
وفي مقالي هذا سأتخطى كل المسئولين ، من أمراء ووزراء .
فلا سبيل لوقف هذا النزيف من دماء الحشمة إلا بأمر من صاحب السلطة الأول وهو الملك ، نعم الملك الذي بيده مفاتيح مملكته التي ولاه الله عليها وأمره بحمايتها والحفاظ على كل الكنوز والجواهر فيها سواء كانت جواهر بشرية أو مالية . وأخبره ربه تعالى أنه سوف يقف للحساب والسؤال عنها ، وحذره من التهاون في ذلك ووعده أشد الوعيد من أن يكون غاشا لمن هم تحت يده بأن الجنة حرام عليه ولن يجد ريحها نعوذ بالله من الخسران - .
أيها الملك المبجل : كيف بك وقد عُرضت على الملك الديان ملك الملوك وسُألت عن رعيتك وكيف قدت سفينتهم وإلى أي شاطئ رسوت بهم ..!؟،
أيها الملك لتعلم أنه مهما بلغ بالناس الفساد ، وكثر أتباع الشر حتى لم يعد أحد إلا أصابه دخنه ، تبقى أنت المهيمن على مملكتك ، القادر على حمايتها من كل متسور أثيم .
لا تخف لومة لائم ...فرضا ربك فوق كل اعتبار.
أيها الملك المعظم الموقر عليك أن تفتح أذنيك ، وعينيك وتسمع وترى بقلبك وتفكر بعقلك فالتدابر تحاك لإسقاط سلطتك ، وإضعاف هيبتك ، ونزع ملكيتك ، وإهمال قوامتك ، جاءوا بوجه المشفق الولهان يبكون دموع التماسيح ، يبطنون غير ما يظهرون ، لمعوا أشكالهم تلميع العريس في ليلة زفافه لعلهم ينالوا حظا من اهتمام ورعاية ، وقالوا : نحن أولي فكر وعلم ودراية ، نريد أن تسعد أنت ورعيتك بحياة هنيئة ، وعيشة رضية .. مالك أيه الملك في حياة البؤس باقي ، وعلى هامش الحياة راضي .
وإن كنت لا تريد فلا تحرم من وراءك من راعيتك مستقبلا مشرقا ، فالحياة سباق ، والفرص لا تعود .
كل ما مضى من عصور وأجيال خاب حظها إذ تربت على القديم من العادات ، واتبعت الأسلاف والأجداد ، فلم تعد قادرة على مواكبة الحاضر ، فالكل منهم خاسر .
أيها الملك : أما سمعت بالتطوير..!؟ نعم التطوير ..
فالناس قد وصلوا القمر وأنت مازلت تحكي حكايات العصور الغابرة ...
ماذا عساه يفيد ..أن تحكي لهم عن سعد وسعيد ..وخالد والمقداد ..وأبو ذر والبراء..
ماذا عسى الأجيال أن تتعلم من حكايات صلاح الدين ونور الدين ...
فـهل ستعود فلسطين .!!؟
انتهى زمن التصنيف والتقسيم .. فالناس كلهم بيت واحد ،، أبوهم،، آدم وأمهم حواء
كلٌ يعمل على شاكلته ، دع عنك أحاديث الجهاد ، والأمر بمحاربة الفساد ، استمع إلينا واترك عنك العناد ..
حضرت الملك ... أخرج لنا بناتك فهم نصف المجتمع البائس المحروم ، مالك حرمتهن رؤية الشمس ، والاستمتاع بضوء القمر ، أنظر لوجههن الشاحبة الحزينة ، وأصواتهن المبحوحة من كثرة الأنين ، أطلقهن في سما الحرية ، ودعهن بين أيدينا عارية ، سيعودن إليك بعد أن نقضي منهن الوطر نقصد وطر العلم والمعرفة والتقدم فحاشى لله أن نكون من أهل الفساد ، والزيغ والانحلال ،، نعوذ بالله من ذلك . فنحن سفراء الخير ، ورواد التقدم ، وقادة الفكر ، أما سمعت أيها الملك بهدى ونوال ..؟ أما سمعت بسحر وحنان .؟ ، يسمنوهن راقصات وممثلات ومفسدات وعاهرات ، وما علموا أنهن يحملن حساً مرهفاً ، وقلب حانياً ، فتلك تكفل الأيتام ، وتلك حجة البيت الحرام ، وهذه تلبس لباس الحشمة والاحترام ، وتيك مالها في الشر مرام . لكنها عقول متحجرة تظن التقدم انحلال ، والفن في سِفال ، والرقص مجون وخبال ، وكل ذلك من دواعي الحضارة ، والنمو والازدهار .المهم أيه الملك لا تبخل علينا بما تحويه مملكتك من ثروات ومقدرات فالوطن بحاجة لمثلها ، ودورنا ننميها لك وستعود إليك بالنفع والخير الكثير ..... .
أيها الملك : حذاري حذاري من الخديعة ، فتلك فرية قديمة ، ساقوها على ملوك قبلك فأطربه حديثهم ، واستماله عرضهم ، فكانت النهاية مأساة وجريرة يتجرع مراراتها طوال حياته ..
وفي حقيقة الأمر أنهم وحوش كاسرة ، وقلوب قاسية همها النيل منك ، واللعب بعرضك ، واستهجان قوامتك
أما لك في من حلوك معتبر !!؟ تفانوا جميعا فيا مخبري.. قلي ما الخبر !؟
أخي القارئ :
بقي أن تعرف من أقصد بالمـلك ، ومن هو صاحب القرار الـأول والأخير في مثل هذه الظروف الصعبة ، والفتن المتلاطمة ،
إنه ملك البيت وسيد الأســرة إنه أنت أيه الرجل ، نعم أنت فلا قوة ولا سلطة فوق سلطتك وقوتك ، أنت من يحكم أسرتك وأهل بيتك ، لا تقول أنا مرتهن للمجتمع إن تيامنوا تيامنت وأن أشملوا أشملت ، فأين وعد الغرباء إذن !؟ فالقابض على الجمر ليس كالقابض على الماء ، مالكم كيف تحكمون !!؟
يا من ملكك الله رقاب ضعيفة مرتهنة بديانتك ، ومرتبطة بفكرك وعقلك ، فمتى ما زغت زاغوا ، ومتى ما صلحت صلحوا ، كن فطنا لما يدار حولك من لصوص الأعراض ، ومجرمي الفضيلة ، لا تنخدع بالبهرجة والتصوير فكلها تزيف حقير .
من لهؤلاء الأبناء والبنات الذين هم تحت كنفـك ورعايتك وأمانتك إن أنت غفلت ؟
من يوجههم ويسلك بهم طريق الرشاد إن أنت جهلت ..!؟
من يفصل بينهم إن تنازعت بهم الأهواء والشهوات إن أنت غبت .!؟
يا ملوك و يا سادة : الله الله بالرعية والجيل القادم لا يؤتى الدار من قلبكم .
أعيدوا للأجيال عزها ، واصنعوا فيهم كرامة الأبطال ، وأحيوا فيهم شعور الإسلام . فلا عزة إلا بالإسـلام
أبنوا لنا أمهات قانتات ، عابدات ، تائبات ، مربيات ، سالمات مسلمات ، نريد أمثال خديجة وعائشة وفاطمة وسمية .
أيها الملوك : أعلم أنكم ملوكا أتقياء وأوفياء كرام بررة ، فأملنا فيكم كبير بعد الله تعالى
فلا تخيبوا الآمال ، ولا تهدموا الطموحات ، شدوا اليد على اليد ، وارفعوا راية التحدي ـ قفوا صفا واحد أمام التيارات المنحرفة بالعلم والإيمان والتربية ، تألفوا ، واتفقوا ، وارتبطوا بالعلم وأهله ، زينوا مملكاتكم بزينة التقوى والهداية ، واخلعوا عنها ثياب التعري والغواية ، أزيلوا كل قنوات الشر ، واستبدلوها بالخير ، لا تتكاسلوا بالقيام بالواجب فربكم معين ، وأمره واضح ، ونهيه مبين
أدام الله علينا وعليكم الخير والسعادة ، وثبتنا على الهدى والإيمان ...
مع السلامة وإلى لقاء قريب ...إن شاء الله تعالى
ريم الخالد