كعكتنا مستديرة
أراقبُ منذ فترة، قصص نجاح المستثمرين الأجانب في السعودية، في قطاعات تجارية صغيرة ومتوسطة، ففي خلال فترة زمنية تقصر عن خمس سنوات، يتضاعف الدخل المالي لجزء كبير من هؤلاء الأفراد إلى معدلات مفاجئة، فمن ألف وخمسمائة ريال شهرياً إلى 500.000 ريال أسبوعيا لأحد المستثمرين الهنود، على سبيل المثال.
ويمكن استنتاج العظات والعبر، من نمو هذه الفئة النشطة من المستثمرين الأجانب، الذين يبدأون من درجات قريبة من الصفر المطلق، لكن أهم ما أحتاج إلى التوقف عنده، ويخصني، يتمحور حول متانة الاقتصاد الوطني السعودي، الذي يعتبر في نظر العقلاء، فرصة لأبناء البلد من الشباب خاصة في استثماره والاستفادة منه، بطريق الأولوية!
في حديث شخصي لي مع أهم وكلاء توزيع الحاسبات الشخصية، في المملكة والمنطقة العربية، أخبرني عن ذهول زملائه، في فروعهم خارج السعودية، من حجم التوزيع الذي يحظى به فرع المملكة، ووصوله إلى أرقام فلكية بالنسبة لهم، فمع معياريّ القدرة الشرائية للفرد والتعدد السكاني، معاً، تتغلب المملكة على جميع دول المنطقة، مما يجعلها سوقاً نشطة وبقوة، لكل مستثمر، وفي شتى المجالات.
فقد جاء في صحيفة \'\'الاقتصادية\'\' الإلكترونية أنه: يمكن ربط اختيار الرياض كمقر للبنك المركزي الخليجي بمدى قوة الاقتصاد السعودي. فبحسب مجموعة الإيكونومست البريطانية، يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 684 مليار دولار استنادا إلى مبدأ القوة الشرائية، أي الأعلى بين الدول العربية. وكما جاء في تصريحات الأمير تركي الفيصل، فإن: المملكة لديها أكبر قطاع مصرفي (في الشرق الأوسط)، وأكبر سوق للأوراق المالية، بل وأكبر اقتصاد في المنطقة، كما أنها أكبر دولة مصدرة في الشرق الأوسط، وأكبر مستورد أيضاً، وعلاوة على ذلك فهي أكبر دولة مصدرة للنفط ولديها أكبر الاحتياطيات النفطية المؤكدة في العالم. والترحيب الذي يحظى به مستثمرونا السعوديون من قبل الوكلاء العالميين للمنتجات والماركات خارج المملكة، يدل على وعيهم بأهمية السوق السعودية، وأهمية الاستثمار فيها، كما أن الإحصاءات الرسمية والدولية تدعم أفضلية السوق السعودية على جميع أسواق المنطقة.
كل هذا يقودني إلى تحريك همم الشباب السعودي، الذي غالباً ما تجده في بحث مستمر، عن \'\'الوظيفة الآمنة\'\' أو في انتظارها!
فهناك قطاع كبير من شبابنا، يعانون من مشكلة البطالة، بينما هم يعيشون في بلاد بيئتها الاستثمارية خصبة جداً، وتتربع على المرتبة الخامسة عشرة في تقرير البنك الدولي للدول التي تسهل فيها ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2010 والأولى على مستوى الشرق الأوسط، لكنه فيما يبدو ــــ للأسف الشديد ــــ يؤمن شبابها إيماناً مجرداً فقط بأن \'\'تسعة أعشار الرزق في التجارة\'\'، كما أن العقلية التي تعيق النجاح لديهم كشباب، وتضع القيود، والعراقيل، والشروط الوهمية له، تتناسى أن النجاح غالباً ما يتخلى عن كل شروطه الوهمية تلك، باستثناء: التصميم، والمثابرة، والاستمرارية، على نسق له رتم عالٍ من الكفاءة في أداء الأعمال. أعيدك هنا إلى مقولة \'\'بل غيتس\'\' التي وردت في صدر المقال. إن الحماس الذي يتميز به شبابنا، والقوة التي تصبغ بدايات أعمالهم، غالباً ما يتبعها بعد زمن قصير تقاعس وملل، وعدم متابعة وتطوير، مما يؤدي بالضرورة إلى فشل ذريع، يكرس موقفا تشاؤميا، يضعف الثقة بالنفس، وتتسع دائرته لتشمل المتفرجين الذين يحلو لهم إعادة قصص فشل الآخرين في الاستراحات والمجالس الإخوانية، ليحمّلوا أسبابه إلى مبررات يرونها منطقية من وجهة نظرهم، بيد أنها تخالف الواقع على الأرض!
وهناك إفراز مشابه أنتجته الروح الانهزامية الكسولة التي تريد \'\'الشغل في المضمون\'\' على العمل، والكد، والمثابرة، والطموح، وذلك بتفضيل طرق الكسب السريع، أو المضمون من خلال المتاجرة بالفيز، أو التستر على العمالة المخالفة لأنظمة العمل والإقامة. وهم بذلك لا يهدرون فرصا تجارية مهمة بالنسبة لهم، لكنهم أيضاً يضرون بذلك التصرف الاقتصاد الوطني.
وفي اعتقادي أن اقتحام دنيا الأعمال بنية طيبة وفكر منفتح، وإيمان وتوكل، تدفعه رغبة فعلية واقعية، بتقديم منتج جيد باستمرار، هو الوصفة السحرية التي تجعل العمل التجاري يطور نفسه ويتجاوز معوقاته الطبيعية.
بدر حامد الحربي
عضو لجنة شباب الأعمال في محافظة الخرج