الدين النصيحة .. وليس الفضيحة
أصبحت ثقافة الفضيحة سائدة في مجتمعنا , ومن شدة اهتمامنا بها بقصد أو بغير قصد غيرنا مفهومها وطورناه , فأصبحت الصورة فضيحة , ومقطع الفيديو أو الصوت فضيحة , وإخلال شخص بالنظام فضيحة , وسيتدهور الحال حتى تصبح كل أفعالنا وأقوالنا فضائح نبتز بها ليل نهار ..
ما دعاني لهذا القول هو كثرة استخدام مسمى ( فضيحة ) للأخطاء , خصوصاً من المشاهير في شتى المجالات , و حين يتم تناول الأخطاء ولو كانت معتادة على أنها فضائح يكثر التشهير بمصدرها إن كان شخصاً أو دائرة ما , ونتجاهل بأن هذا التقييم الفضائحي الذين نصدره على مجتمعنا هو جريمة , فالعالم من حولنا لا يحكم إلا على الظاهر من أقوالنا , وبهذا نحن نصور أنفسنا لهم على أننا شعب همجي في شؤونه الشخصية والرسمية , وهذا يؤثر سلباً على علاقتنا مع الشعوب , وبدأنا نجني ثمار ذلك بشكل جلي في السياحة الخارجية , والابتعاث بهدف الدراسة , أو العلاج , أو التجارة .. الخ
هذا من ناحية .. أما من ناحية أخرى فالشكل الذي سنظهر به بسبب حديثنا عن أخطائنا بهذه الطريقة المبالغ فيها أمام الجماعات المعادية للإسلام والطامعة في حلحلة ترابطنا , سيجعلهم يفكرون بأننا لقمة سائغة لتحقيق مرادهم , مثل ما تحقق لهم ذلك في دول إسلامية كثيرة , وبالتالي يتجرؤون على محاولة الدخول إلى أوساطنا , وربما يظنون بأن المشهرين مفتاحهم , إن لم يكونوا كذلك فعلاً , ولكن يبقى حسن الظن من سماتنا ..
وهذا لا يعني السكوت عن الأخطاء وترك الحبل على الغارب , ولكن حين الحديث عن الأخطاء فلنتذكر بأن صاحبه أو المجموعة التي صدر منها هم إخوة لنا في الإسلام , فإذا أيقنا ذلك لن يصدر منا تجريح , بل انتقاد بناء يلمح بالخطأ ويصرح بالحلول كمقترحات , ولا ننسَ بأن كل بني آدم خطاء وليس مجرم بطبعه وخير الخطائين التوابون , ولا ننسَ بأن الدين النصيحة وليس الفضيحة ..
رسالة أبعثها إلى المشاهير من كتابنا , الظلم ظلمات يوم القيامة , فلا تظلموا مجتمعاً أنتم صفوة صفوته ..
عبد الله الكنانى