مقابلة شخصية جداً جداً
كلما جاءت سيرة المقابلات الشخصية قبل التوظيف، تذكرت أقدم نكتة في العالم، التي تقول إن شابا لديه واسطة قوية دخل على لجنة المقابلات فسألوه: «ما اسم حبيبة مجنون ليلى؟»، وحين خرج دخل عليهم شاب ليست لديه واسطة فسألوه: «من بنى الهرم الأكبر!؟» فأجاب بسرعة: «خوفو» فقالوا: «أترك عنك خوفو.. واذكر أسامي العمال واحدا واحدا!».
وقبل ثلاثة أيام، أعلنت إحدى الجهات أنها أجرت مقابلات شخصية مع 12400 متقدم من أصل 83 ألفا تقدموا لـ930 وظيفة (أي أن المتقدمين أكثر من الفراعنة الذين بنوا الأهرامات)، وأوضح المشرف الإعلامي لهذه اللجنة لدى حضوره حفل تكريم رؤساء وأعضاء لجان المقابلات الشخصية، أن المقابلات استمرت لمدة 18 يوما بدأت من الـ10 من الشهر الماضي، إذ وصل معدل المقابلات اليومية إلى 720 مقابلة في ثماني ساعات.
كنت أعرف عن أمر هذه المقابلات قبل نشر هذا التصريح، حيث تلقيت رسالة من شاب ذهب من الشرقية إلى الرياض للمشاركة في المهرجان الوطني للمقابلات الشخصية، وهو متأكد بنسبة 99.99 في المائة أنه لن يتوظف، ولكن (عن قولتهم ما راح) قاد سيارته وهو يداعب حلما مستحيلا بالحصول على وظيفة حكومية بعد أن (تمرمط) في القطاع الخاص، حيث عمل سكيورتي ثم كاشير ثم بائعا في محل ملابس نسائية ثم بائع مكياج! وأي أنه يصلح أن يكون متحدثا رسميا في حملة (بدون إحراج) التي أطلقتها بعض الناشطات لتأنيث محلات الملابس النسائية!.
المهم أن صاحبنا دخل مع الجموع الحاشدة بعد أن حفظ كل شيء عن الجهة التي تقدم لها منذ تأسيسها، وحين جاء دوره شعر أنه ارتكب خطأ استراتيجيا مهما فهو يلبس عقالا بينما جميع أعضاء اللجنة لا يلبسون العقال!، سألوه فورا «ما هذا السواد تحت عينيك؟»، «أذكر لنا موقفا تضاربت فيه المواعيد واستطعت أن تنسقها؟» وبعد أن أجابهم قالوا له: «خلاص.. مر على الشيخ فلان»، ذهب إلى الشيخ فلان فسأله عن اسم إمام المسجد الذي يصلي فيه؟!، ذكر له اسم الإمام، وهو متأكد أن الشيخ فلان لن يعرفه؛ لأن المسجد في الدمام والشيخ فلان في الرياض!.
خرج صاحبنا بعد أن ترسخ لديه شعوره السابق بأنه غير مقبول رغم إجابته على جميع الأسئلة بثبات، وهو لن ينتظر حتى ظهور النتائج لأنه يظن -وبعض الظن إثم- أن أسماء المقبولين شبه محددة قبل أن تبدأ الاختبارات التحريرية والمقابلات الشخصية، لذلك عاد بكل انكسار إلى محل المكياج الذي يتأخر في صرف رواتبه لأسابيع، سيحاول نسيان جميع المعلومات التي حفظها عن تلك الجهة وسيركز في عمله بانتظار أية زبونة شابة يقول لها: «هذا الروج اللي يناسب شفايفك»!.
خلف الحربي