سهام كنانتي
الكلمة سهم يسدده العقل إلى قلوب وعقول الآخرين فتبني أو تجرح أو ترشد أو تقتل فالكلمة أمانة وخروجها سهل متيسر ولكن ما حال المتكلم وما مآل الكلمة .
أرادت كنانة فؤادي أن ترمي بسهام متناثرة فلعلها تصيب هدفا كنت أقصده .
فسهمي الأول يخاطب الدافنون في التراب رؤوسهم فيقول ارفعوها فقد آن لحبات القمح أن تنتش والحبة لا تنتش إلا إذا دفنت في التراب ولكن إلى حين فإذا طال سباتها فهي ميتة لا محالة والله المستعان .
(فإذا كنت ميتاً مع عالم الأحياء فألحق برفاقك فلا حاجة لنا فيك )
أما سهم الثاني فقد أطال معي المقام لأنه كاد أن يختلع فؤادي وأثار أشجاني فخرج من كنانة متعجباً قائلاً : عجبت لصداقة سنين تمحوها جهالة ساعة وعجبت لإخوة في الله تنهار بسبب سوء تفاهم وعجبت لحب يموت في دقائق وقد استمرت ولادته أعواما فلماذا يبخل الأخ الصديق بقليل من التسامح وقد عاش مع أخيه ساعات ملئيه بالحب والإخلاص والعطاء الأخوي الذي يتجاوز عطاءات المادة إلى عطاءات الروح فالحب لا يسقط عند الامتحان الأول ولا الثاني و لا المائة لان الحب يدعو إلى التسامح ثم التعقل لإعادة الحساب مرة أخرى قبل أن يهدم المرء في لحظات ما قد بناءه سنوات.
فإذا كنت تبحث عن أخطائي لتبرر بها غضبك فأين حبك لي الذي تتشدق به كل حين.
فكم من الأواني كسرناها وحن نريد أن نضع فيها الزهور
أما السهم الأخير فنزعته بشده فقاطعني قائلاً لا تتخيل كل الناس ملائكة فتنهار أحلامك ولا تجعل ثقتك بالناس عمياء لكنك ستبكي لا محالة ذات يوم على سذاجتك
إذا كانت ذاكرتك قوية وذكرياتك مريرة فأنت أشقى أهل الأرض
مساعد العامري