حتى نشرب من البحر
من التخوفات التي يعبر عنها الجميع من أن تؤدي بعض الإشكالات العالمية إلى تعثر الحصول على احتياجاتنا الغذائية من القمح. أنا هنا لا أريد أن أعلق على هذه الجزئية، فالفكرة التي تناولها الدكتور تركي تطرح أسبابا وجيهة وتستحق التفكير. ولكنني أود أن أضيف إننا نعترف دوما أن مواردنا المائية محدودة للغاية، لكن واجهاتنا البحرية تمتد من البحر الأحمر وحتى الخليج العربي. وبالتالي فإن خيارات أن نشرب من ماء البحر تبقى مفتوحة مهما كانت التكلفة. وعندما نتخذ قرارنا بأن نعتمد 100 % على الشرب من مياه البحر، لن يكون لدينا هاجس أو خوف من استنفاد الاحتياطات المخزونة في الأرض. بل إننا في حالات تحقيق فوائض أعلى من تحلية مياه البحر، يمكن أن نعيد حقنها في أرضنا من جديد. إن عدم التوسع في خيارات تحلية مياه البحر يبدو وكأنه فكرة قديمة تم البت فيها منذ زمن ثم استمرت، بالضبط مثل فكرة خط السكة الحديد التي تأخرت لسنوات، باعتبار أنها غير مجدية اقتصاديا، ثم وجدنا أنفسنا نسارع لتحقيق الفكرة بشكل عاجل وبتكاليف تتجاوز تكاليف إنجازها لو تمت في الماضي. نعم من المهم ترشيد استهلاك الماء والكهرباء، ولكن من الضروري أيضا التوسع في التحلية وتوفير مصادر الطاقة، فتعداد الناس سيصل قريبا إلى الخمسين مليونا ووقتها لن يكون العطش بسبب عدم كفاءة الترشيد بل نتيجة عدم التوسع في مشاريع التحلية. معنى أن نتوسع في التحلية بحيث تصبح مصدرنا الوحيد حتى وإن غلا ثمنها ستجعلنا نتمكن من أن نشرب وأن نزرع، ووقتها لن يأتي أحد لمحاسبتنا إذا ما شربنا من ماء البحر. أليس كذلك؟!
خالد السهيل