محسن علي السهيمي ....الشؤون البلدية.. أين أنتِ من الأرقام؟!
بسطت وزارة الشؤون البلدية والقروية بلدياتِها بامتداد رقعة الوطن، وعملت جاهدة على أن تضع لها بصمة في كل محافظة ومركز. هذا الانتشار الواسع للبلديات يغدو محل فخر وتقدير، لكن في الوقت نفسه ترتسم علامات استفهام حول تصنيف البلديات على فئات (أ، ب، ج، د، هـ) تبعًا لمقومات كل محافظة ومركز. الذي يبدو هو أن الوزارة حين افتتاحها بلديةً ما في محافظة ما أو مركز تتخذ قرارها دون الرجوع للأرقام الدقيقة التي على ضوئها يتحدد مستوى البلدية التي تستحقها تلك المحافظة أو ذلك المركز؛ ولذا رأينا كيف أنها افتتحت قبل سنوات كمًّا وافرًا من البلديات في المحافظات والمراكز وجعلت معظمها على فئة (هـ)، وهي أدنى فئة في تصنيف البلديات، ومعلوم التباين الواضح بين الفئات، لا من حيث الميزانيات المستحقَّة، ولا من حيث الصلاحيات الممنوحة، ولا من حيث نوعية الخدمات المقدمة. كان المأمول من الوزارة قبل أن تقرر افتتاح بلدية ما أن تعمد للإحصائيات والأرقام الموثوقة للمحافظة أو المركز، ممثلة في عدد السكان، وفي المساحة الإجمالية، وفي الطبيعة الجغرافية، وفي توزيع السكان وكثافتهم، وفي عدد البلدات الكبيرة والحواضر والقرى، وفي عدد المراكز الإدارية التابعة للمحافظة أو تلك التي تشملها خدمات المركز، وفي النشاط التجاري والعمراني، وغيرها من الإحصائيات والأرقام والمؤشرات التي تتحدد في ضوئها فئة البلدية، حتى لو تطلب الأمر وقوف لجنة متخصصة على الواقع. أمر آخر وهو أنه بناءً على هذا التفاوت في الإحصائيات يتفاوت (كَمُّ وكيفُ) الخدمات المقدمة؛ فالمركز ذو المساحة المحدودة، والسكان الأقل سوف تظهر فيه جهود بلديته وتُثمر حتى وإن تدنَّت فئتُها، عكس المركز ذي المساحة الواسعة، والأعداد الكبيرة من السكان والتجمعات البشرية. بل قد تجد التجمعات في مركز ما تنحصر في مكان أو مكانين وهو ما يسهل على البلدية توفير الخدمات وتجويدها، عكس المركز الذي تكثر فيه التجمعات البشرية الكبيرة، وتتوزع على أماكن عديدة، وتتنوع فيه التضاريس الجغرافية، وهو ما يشتت جهود البلدية ويضعف خدماتها. على سبيل المثال، هاكم بلديتين تتبعان لأمانة جدة، وتقعان أقصى جنوب منطقة مكة المكرمة، وهما بلدية مركز العرضية الشمالية، وبلدية مركز العرضية الجنوبية، وكلا المركزين يتبعان لمحافظة العُرضيات، وتُصنف البلديتان على فئة (هـ)، وتخدم كل بلدية ما يزيد على الـ(٤٠٠٠٠) أربعين ألف نسمة، وتغطي كل بلدية مساحة شاسعة تتخللها الأودية والجبال والوهاد، وتنتشر فيها التجمعات السكانية الكبيرة في جهاتها الأربع، والقرى المعلقة؛ حيث تشمل خدمات بلدية العرضية الشمالية بالإضافة لمركز الشمالية ثلاثةَ مراكز إدارية هي (مركز الرايم، مركز قنونا، مركز حِلْحَال)، إضافة لجزء من النطاق الإداري للمحافظة، وتشمل خدمات بلدية العرضية الجنوبية بالإضافة لمركز الجنوبية (مركزَ الوَيْد)، إضافة للجزء الآخر من النطاق الإداري للمحافظة. على هذا تتضح أهمية إعادة النظر في تصنيف هاتين البلديتَين وفق معايير دقيقة ومنصفة، ويتضح استحقاقهما للترفيع لفئة متقدمة؛ نظرًا للمعطيات السالف ذكرها؛ ولكونهما تخدمان مركزَين هما بمثابة محافظتَين (مساحةً وسكانًا ومقومات..) ويخدم المركزان عدة مراكز، إضافة لكون المركزين حديثَي عهد بالبلديات، وهو الأمر الذي أخَّر التنمية فيهما، وعليه فبلديتاهما جديرتان بالترفيع لفئتَين متقدمتَين.
نقلا عن جريدة المدينة