عبد الله سليمان الطليان...حرية بلا حدود
بداية كان هناك رأي يقوم على معارضة المواد التمهيدية لمنظمة (حرية بلا حدود) والتي تقول إن تخلف العالم الثالث يعزو للسلب والنهب الذي قام به الغرب في وقت الاستعمار وفساد شروط التجارة، وسطوة الشركات متعددة الجنسيات وتطوير المحاصيل النقدية على حساب المحاصيل الزراعية، انبرى لهذا وزير الدولة لحقوق الإنسان في حكومة جاك شيراك كلود مالهيرت وعارض بشدة للترويج لمثل هذه الأفكار، ورغم هذا وجد هناك من يتبناها ويصرح علانية بذلك ومن داخل المجتمع الفرنسي متمثلاً في الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر الذي خاطب الفرنسيين بقوله (أنتم تدركون جيدًا أننا استغلاليون، وتعلمون أيضًا أننا وضعنا أيدينا أولاً على الذهب والمعادن، ثم اتبعنا ذلك بوضع أيدينا على بترول القارات الجديدة وجلبنا تلك الثروات للدول القديمة).
نأتي هنا لتبرير يحمل في طرحة الاستعلاء والازدراء لتلك الشعوب وتمجيد الرجل الأبيض عندما يصنف الاستعمار على أنه تقدم لتلك الشعوب الفاشلة في استغلال الأرض وليس لهم الحق في الشكوى إذا قام الآخرون بالاستيلاء عليها، وهي هبة من الله أعطاها للإنسان (العاقل الدؤوب) -حسب تفسير الفيلسوف الإنجليزي جون لوك- ويا ليت الأمر يتوقف عند هذا بل نجد هناك من يمجد هذا ويقول إن الاستعمار بدونه كانت المستعمرات السابقة أكثر (تخلفًا) وأنها في الوقت الحاضر عاجزة عن الإنتاج، كسولة لا تعمل، تريد أن تعيش على التعويض التي تطالب به الغرب. سوف نضرب هنا مثالاً واحدًا وقع في منطقتنا العربية من خلال الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي يعتبر وصمة عار في تاريخ البشرية لما أوقع من جرائم في حق الشعب الجزائري الذي سقط من أبنائه مليون شهيد، والذي لم يتلق حتى الآن أبسط الحق هو تقديم اعتذار من الحكومة الفرنسية على تلك الفترة والتي لم تطلب بتعويض مادي الذي نراه يتدفق وحتى وقتنا الحاضر من قبل ألمانيا لليهود بسبب عقدة الذنب التي وقعت في العهد النازي.
لذلك نقول، إذا كان كان هناك ضمير ما زال يؤنب الغرب على ما حدث في معسكرات الجيش النازي من ماسٍ تعتبر من أفظع الجرائم البشرية والتي لا تغيب عن الإعلام الغربي بين فترة وأخرى تشعل عقدة الذنب، فيجب على هذه الدول الغربية تطبيق التعويض المادي والمعنوي على المستعمرات السابقة والكف عن الحديث عن الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم الثالث بينما هي تتنكر منه في ماضيها الاستعماري الأسود.