د حسن السعدي ...وسائل التواصل.. والأزمة!!
وعلى الرغم من وجود مواقع رسمية تتناول الأزمة وفق المصلحة العامة ومرئيات العمل السياسى، إلا أنها تجابه شعبًا اعتاد على تركيبة ذهنية ونفسية معينة جعلته نهبًا لسريان الشائعات أو تكذيب كل ما هو رسمى من منطلق المبدأ العقيم (كلام جرايد). وهنا يكمن أول مؤشرات الخطر إذا كان من شأن الخبر النيل من الحالة النفسية العامة، الأمر الذى يستلزم تناوله بحرفية عالية من الجهات الرسمية لتصبح الأرقام المعلنة جرس إنذار مجتمعيا دون أن تمس الأمل في تحسن الأحوال بسوداوية قد تنال من صحته النفسية.
أما على مستوى الأفراد فقد أصبح الحبل على الغارب في الصور المزيفة لبعض البلاد التى تركت الناس يموتون في الشوارع أو بعض الفيديوهات لمرضى يتحدثون عن أوضاعهم في الحجر الصحى. فضلًا عن المواد التى تتناول سلوكيات التزاحم في الأماكن العامة بما يشى بحالة من اللاوعى مقابل عدم التنظيم المجتمعى بين المصالح اليومية وساعات الحظر. وكذا نزعة التخزين للأغذية مقابل تحقيق البعض لأكبر عائد في أقل زمن باغتنام فرصة لا تتكرر إلا بمباعدة الأزمنة. أضف عليها روح الدعابة لدى بنى البشر التى تمثل أحيانًا واحدة من وسائل الدفاع الإيجابى للمواجهة كداعم نفسى فطرى عرفته البشرية ضد مخاطرها، منذ كان الإنسان البدائى يرسم على جدران الكهوف صورته بحجم أكبر من صورة الحيوانات المهددة له كنوع من الطمأنة الذاتية في قدرته على مواجهتها والتغلب عليها.
والواقع فإن التفعيل الإيجابى لوسائل التواصل حيال هذه الأزمة إنما يتطلب متابعة إعلامية جادة تقضى على الشائعة في مهدها، في حين يصبح دور النخبة الحقيقية هى في إذكاء الوعى حيال فيضان (البوستات) اليومى، استنادًا على قاعدة (ليس كل ما يعرف يقال، كما أن ليس كل ما يقال صحيحًا بالضرورة). إنها درجة من الوعى تستلزم عقلية مدربة على الفرز والنقد والقدرة على ضبط إيقاع المعلومة في ضوء المصلحة الوطنية والمعرفة العامة.. وهو دور لو تعلمون عظيم.