نوف آل مشاري....رقمنة المناهج في ظل تداعيات العصر
كما شهد العقد الاخير من القرن العشرين طفرة هائلة في دمج المستحدثات التقنية المرتبطة بمجال التعليم خاصة في المناهج الدراسية، الامر الذي أثر على عناصر منظومة التعليم على اختلاف مستوياتها.
ويستدعي هذا التحديث الاعتماد على الوسائل الالكترونية بديلا ملحا ومتطلبا آنيا يتيح للطلاب إمكانية اكتساب المهارات الاساسية التي تعينهم في تعاملهم مع العصر الرقمي الذي يجتاح مناحي الحياة كلها.
ودون الاستثمار الجدي والفعال، لهذه المهارات ستعجز المدارس والمناهج الدراسية عن اعداد جيل ممسك بمعطيات المعرفة العلمية.
ولذا ظهر مفهوم المنهج الرقمي كأحد المفاهيم التي يدور حوله كثير من النقاش والجدل الناتج عن اختلاف الفلسفات التربوية ، وتباين اساليب الاستخدام والتوظيف الذي انعكس على التحديد الاجرائي لهذا المفهوم ، حيث يرى البعض ان المنهج الرقمي أحد المفاهيم التي دخلت في التعليم الالكتروني ، في حين يرى آخرون ان المنهج الرقمي هو المنهج التكنولوجي الذي يعبر عن منظومة انتاجية تسعى الى استخدام وتطبيق التكنولوجيا وما تقتضيه من تشغيل منطقي للعمليات العقلية في عرض وتخزين وتحليل واستدعاء المعلومات للعملية التعليمية من خلال مواد وبرامج ذات اهداف سابقة التحديد ، والى استخدام خطوات تتابعية في عملية التعلم مبنية على اسس من علم السلوك بما يتضمنه من نظرية التعلم السلوكية .
والمنهج الرقمي يمثل شكلا من اشكال الاتصال بين معرفة الخبير والمتعلم، وبدلًا من المنهج التقليدي الذي يحصل عليه المتعلم غالبا عن طريق الاتصال بالكتاب والمعلم، أصبح هذا الاتصال رقميا من خلال الشبكة المعلوماتية او من خلال وسيط رقمي اخر مثل الاقراص المدمجة.
ويقصد برقمنة المناهج تحويل المعلومات والمفاهيم العلمية والتعميمات والنظريات والقوانين والنصوص والاشكال والاصوات والتجارب وغيرها من مكونات المنهاج الى عناصر رقمية تتم معالجتها وانصهارها ودمجها في الوسائط المتعددة المختلفة.
إن المنهج الرقمي كنموذج تربوي جديد يعتمد على دمج ثلاثة عناصر رئيسية تقوم حاليا بتوجيه وتشكيل هذا النموذج بدرجات متفاوتة تبعا لمدى اندماج هذه العناصر وهي:
الطلب الجديد والمتزايد لمهارات جديدة للعمل في عصر المعرفة، والامكانات الهائلة التي تقدمها تقنية المعلومات والاتصالات، وتغير النظرة حول الكيفية التي تحدث بها عملية التعلم.
وفي ظل دمج تقنية المعلومات في المعلومات في المناهج الدراسية والسعي لتطبيق المنهج الرقمي ظهر مفهوم " المعلم المتمكن تقنيًا " وهو المعلم الملم بعمليات التقنية ومفاهيمها.
هذه التحديات التي فرضتها تقنية المعلومات تتطلب اعادة صياغة برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة وأثنائها وتوفير برامج تطوير مهنية للمعلم في ظل خطط تطوير المناهج، وتطبيق المنهج الرقمي.