محمد العرب،...الضحك وما وراءه !
وحديثاً توصل الباحثون أن الطفل الرضيع يبدأ في الضحك بعد مرور (17) يوماً من ولادته والرضيع لديه القدرة على الضحك قبل أن يبدأ في تعلم الكلام، حتى الطفل الأصم أو الأعمى يحتفظ بقدرته على الضحك ، ويعتبر الضحك وسيلة تعبيرية بدائية ، وإن كان هناك أناس يضحكون أكثر من غيرهم فهذا قد يكون بسبب العوامل الجينية او اسلوب تربية ومعيشة ، ويرى علماء النفس والسلوك الإنساني ان الضحك يكشف جوانب من شخصية الإنسان وحياته الخاصة، فكل ضحكة تكشف جزءاً من شخصية الانسان من دون أن يشعر ولكن لحسن الحظ قلة من البشر من يستطيع قراءة الناس من ضحكاتهم وقهقهاتهم وابتساماتهم !
هناك الضحكة الخافتة التي لا نكاد نشعر بها وأصحاب هذه الضحكة إن ضحكوا وإن لم يضحكوا لن ينتبه أحد لأنهم إنطوائيون لا يحبون لفت الأنظار أو شديدي اللباقة الأجتماعية والتكتم الشخصي وهؤلاء عادة ضحايا بيئتهم وطريقة تربيتهم وظروف نشأتهم ، اما الضحكة الطويلة المتواصلة وأطلق عليها المنفلته من الذوق والعرف فمعظم من يحترف هذه الضحكة غير راضين عن حياتهم، وضحكتهم الطويلة تكون علي الأغلب ضحكا متسترا خفيا علي أنفسهم ، وهناك الضحكة القصيرة المبتورة ويتسم أصحابها بالعصبية المستترة وهم لا يرغبون بالتعبير عن مشاعرهم وليس من السهل إثارتهم ولفت إنتباههم ، اما ما يعرف بالضحكة الأنفجارية التي تظهر فجأة وبصوت ملفت للنظر ومن دون مقدمات، ويميل صاحبها إلى الأمام منحنيا علي بطنه ولا يتردد في إستخدام جسده بالكامل في هذه الضحكة هي ضحكة يراد منها ايصال رسالة لمن يشاهدها وتختلف الرسالة بحسب الموقف ونوع الخصم او المجتمع المستهدف ، وأخيرًا الضحكة العالية الرنانة التي يقف ورائها شخصية عفوية تحب التعبير عن نفسها و ليس لديها ما تخفيه لانها اما شخصية قوية او شخصية وصلت للمحطة الاخيرة ولَم تعد انطباعات الناس ذات قيمة بالنسبة لها
وهناك شعوب لا تضحك بحسب دراسة نشرها موقع indy100 البريطاني الذي يشير إن شعوب روسيا وإيران وفرنسا قلما تجدها يبتسمون وهناك أسباب اجتماعية تكمن وراء عدم الابتسامة ، فالباريسيون لا يردون الابتسامة بالابتسامة فإذا ما ابتسم شخص في وجه باريسي يظن الأخير أن هناك شيئًا ما في نمط زيه آثار ضحكك ، وهنا استشهد بما نشره الطبيب النفسي في أكاديمية العلوم البولنديّة، كوبا كريس، كورقة بحثية بعوان تجنب عدم اليقين توضح أن بعض من شعوب العالم تشعر بحالة من القلق حول بعض الأمور في حياتهم، خاصة في البلدان التي تخضع لضغوط سياسية حيث يتم احترام التعليم بدرجة كبيرة، وكذلك تلتزم شعوبها بالأعراف الاجتماعية ، وقد اجرى الدراسة على آلاف من الأشخاص في 44 دولة لتمييز الوجوه الباسمة عن غيرها وخلصت النتائج إلى أن هناك اعتقادًا في بعض الدول، مثل: روسيا واليابان وإيران يرى أن الابتسامة تجعل الشخص أقل ذكاءً، وفي بعض الدول تجعله أقل صدقًا ونزاهة مثل الأرجنتين، إيران، زيمبابوي وروسيا
في المقابل فإن هناك دولًا، مثل: ألمانيا، سويسرا، الصين وماليزيا تصنّف الوجوه المبتسمة أكثر ذكاءً من تلك غير المبتسمة
اما الدوافع والأفكار الأساسية للفكاهة والضحك في التراث العربي فتتمركز حول فكرة واحدة هي الانتقاد للنقص، والحط من قيمته أو السخرية منه، سواء كان هذا النقص متمثلا في البخل الذي هو نقص في الكرم والمروءة أو في الحمق الذي هو نقص في الذكاء والتفكير، أو في بعض العيوب الجسمية أو العقلية أو السلوكية التي هي نقصان في الكمال ، ويعتقد الكثير من الباحثين العرب ان تاريخ الضحك في الثقافة العربية لم يكتب بشكل كامل حتى الآن ، وحول تاريخ الفكاهة البصرية يؤكد المختصون أن أول فكاهة بصرية مسجلة تعود إلى أيام السومريين الأوائل (عام 2000 ق.م.) وإلى الحضارة المصرية القديمة (نحو عام 1360 ق.م.) فقد اكتشف علماء الآثار بعض الإنتاجات الفنية التي تكشف عن استخدام المحاكاة التهكمية والبنية المسخية في وصف بعض الصفات البشرية أو خلعها على الكائنات الأخرى ، فمن بين الأعمال الفنية السومرية التي اكتشفت في مدينة أور وتعود إلى الفترة ما بين عامي (2650 ـ 2550 ق.م.) هناك لوحة منقوشة بالصدف أو الذهب واللازورد مكونة من أربعة أجزاء، وتمثل رجلا على هيئة عقرب وظبي يقومان بمهمة تخمير الجعة
وأما من يقول ان الضحك من غير سبب قلة أدب فهذه مقولة ناقصة ، فليس العلة هنا في الضحك وإنما في وقت ومكان وطريقة الضحك !
وقيل أيضا الضحك أفضل دواء، ولكن إن كنت تضحك بلا سبب، فأنت تحتاج لدواء !