محمد آل مخزوم ....مستقبل السياحة !
عندما كنت في جولة سياحية استطلاعية باتجاه شمال المملكة والتي تزخر بالآثار الشاهدة على عدد من الحقب الزمنية الغابرة شاهدت مجموعة من الدراجين العرب يفوق عددهم الخمسين في زيارة لمدينة تيماء ذات الآثار العريقة (بئر هداج – قصر الرمان – قصر الحمراء – قصر الرضم- سور تيماء – البلدة القديمة – قصر السموأل)، فلا وجود للمتحف ومحتوياته التي نقلت لمتحف تبوك حتى الانتهاء من الصيانة والترميم، فعادوا من حيث قدموا لم يظفروا بشيء بعد أن وجدوا هذه الأماكن مقفلة وتخضع للصيانة في فترة اجازة نصف سنوية كان يمكن لهيئة السياحة أن تتوقع أن ينشط فيها السائحين للتعرف على آثار بلادنا من خلال ايقاف الصيانة واتاحة الفرصة للزوار واستئناف العمل بعد انتهاء الاجازة.
مستوى التأهيل لموظفي هيئة السياحة حالياً لا يرقى للمستوى المأمول، كما أن قلة الزوار والسائحين يدل على ضعف البنية التحتية الخاصة بالسياحة، فهي تنتظر دعم الإعلام بكافة قنواته الذي يعتبر المحفز الرئيس للقطاع السياحي، ومنح تأشيرة سياحية مجانية لكافة رعايا دول العالم الراغبين بالسياحة دون قصرها على بلدان معينة بقيمة رمزية، ولدينا فرصة استقطاب الحجاج والمعتمرين على مدار العام للقيام بجولة على بلادنا في رحلات سياحية محددة والتي سوف تدعم وتنعش القطاع السياحي بشكل مذهل.
نحن بحاجة لتكاتف الجهود وتوحيدها بدلاً من بعثرتها بين وزارة الثقافة وهيئة السياحة، فقد آن الأوان لإنشاء وزارة للسياحة بحجم ما لدينا من إرث ثقافي وتاريخي ومساحة جغرافية هائلة وتنوع تضاريسي، والتي سوف توفر فرصاً وظيفية لا تقل عن (25) ألف عنصر بشري للقيام بمهمة العمل وفق تخصصات ومهام محددة، تشمل فريق البحث والتنقيب عن الآثار التي لا تزال مطمورة تحت الرمال، وتخصصات الارشاد السياحي بكافة اللغات، وتوفير الخدمات بجوار مناطق الآثار "فنادق – مطاعم – سيارات للتأجير- مكاتب للسياحة- دوريات أمن – مرافق وخدمات أخرى صحية وترفيهية" واستبدال عبارة احذر منطقة آثار ممنوع الاقتراب إلى عبارة "آثارنا ترحب بكم".
إن التفكير في صناعة سياحة حقيقية على مدار العام ليس أمراً بعيد المنال، فقد اكتسبنا الخبرة من خلال القدرة على تنظيم وفود الحجيج بالملايين كل عام، وتوفير كافة مقومات الرحلة منذ القدوم حتى العودة لبلادهم سالمين، ما يعني أن لدينا ما يكفي من التخطيط السليم لإيجاد سياحة حقيقية تضاهي ما لدى الآخرين وتزيد عندما يكون لدينا العزيمة والاصرار، والاستفادة من بيوت الخبرة في هذا المضمار.