سعيد الفرحة الغامدي (التضييق على القطاع الخاص.. من المستفيد؟! )
لقد رحب الجميع بحملات الإصلاح للتخلص من العمالة السائبة وتنظيف وتنظيم سوق العمل والتخلص من التستر واستنزاف الأموال إلى الخارج ليبقى تدويرها في وعاء الاقتصاد الوطني وبالفعل حصلت إصلاحات وغادر ملايين من العمالة الوافدة حسب المصادر المعنية بذلك وبسبب دخول التقنية وتسهيل التعاملات في أمور كثيرة
قطاع العقار نال عصفاً قوياً في الأراضي والمضاربات عليها بين تجار العقار الذين يعملون بدون ضوابط حتى أوصلوا المبالغات في الأسعار حدودًا غير معقولة ومازال البعض مصراً على الأسعار القديمة بحجة أنها ستعود كما كانت، وهم بذلك يحلمون، لأن حالة اللا معقول كان لابد لها أن تذهب حتى يستطيع المواطن العادي اقتناء مسكن العمر له ولأسرته.. والضرر الأكبر لحق بالعمائر التي استثمر أصحابها بالدَّين في بعض الحالات على أمل أن الإيجار سيستقر وتكون العوائد مجزية ولكن مغادرة العمالة الوافدة بأعداد كبيرة حطَّمت الآمال في بيئة الملاك والمستثمرين
وفي ظل التحولات الاقتصادية التي بالإمكان فهمها في إطار الدورات الاقتصادية المعروفة التي تحصل في فترات بأسبابها ومسبباتها، صعَّدت وزارة العمل والجهات المعنية الأخرى الضغوط بزيادة الرسوم بشكل يتعذر معه استمرار بعض المؤسسات الصغيرة التي تعد محركاً رئيسياً للاقتصاد، ولذلك يشهد السوق نسبة كبيرة لشطب سجلاتهم التجارية وإغلاق تلك المؤسسات الصغيرة ويشهد على حدة الظاهرة قفل المحلات في الشوارع العامة ونزول حاد في الإيجارات ومجمل هذه الأمور غير صحي للاقتصاد الوطني
وبدون ذكر أرقام هنا بعض الرسوم:
(رخصة العمل التي تتضاعف كل عام، تجديد الإقامة، التأمين الصحي والاشتراك في خدمات علم وأبشر أعمال والسجل التجاري، الغرفة التجارية والقيمة المضافة والتأمينات الاجتماعية والجمارك ورخصة الأمانة وإيجار المحل والزكاة والدخل...) يصاحب كل ذلك منافسة حادة وتدنٍّ في الطلب وغلاء في الأسعار وهذا يعني أن الخروج من السوق بات لتلك المؤسسات الصغيرة أفضل من الاستمرار في المعاناة وتكبد الخسائر.. وليصبح صاحب الشركة أو المؤسسة الصغيرة عاطلاً عن العمل والخدمة المدنية مغيبة..!
فرحنا كثيرًا برؤية 2030 لأنها فتحت نوافذ طموحات غير محدودة للجميع ولكن الوصول إليها ليس من السهل مع عوائق واقع الرسوم الطاردة للقطاع الخاص (باستثناء الترفيه الممول من الدولة في أغلب الحالات)، وهنا تستوجب المناشدة بمراجعة إستراتيجية لما يحصل للقطاع الخاص وخاصة المؤسسات والشركات الصغيرة قبل أن يحصل عندنا خلل وتكون تكلفة التراجع عن بعض الرسوم أكثر من استمرارها واضطرار الكثيرين للخروج من الأسواق وتصبح العودة في حكم المستحيل.. هذا الطرح ليس جلداً للذات ولا نظرة تشاؤمية ولكنها وجهة نظر لمن يهمه الأمر من واقع المعاناة التي يعيشها القطاع الخاص .
نقلا عن صحيفة المدينة