محمد بن سليمان الأحيدب ( وزارة الخدمة تخاطر )
وزارة الخدمة المدنية في إستراتيجيتها الجديدة، التي تنوي (الاستعجال) في تطبيقها، تريد أن تمنح الوزارات والجهات الحكومية صلاحيات التصرف في شؤون موظفيها دون الرجوع للوزارة، وهذا معناه أن الترقيات والتعيين ومنح المراتب وكل ما يتعلق بالموظف ستتولاه الجهة نفسها دون الاحتكام إلى جهة وزارة الخدمة المدنية، التي في وضعها الحالي، لا تعتبر رقيبا فقط بل خبيرا متخصصا ومرجعية لضمان حد أدنى من العدالة الوظيفية وعدم إساءة استخدام سلطة الترشيح والرفع بالأسماء لمقام الوزارة، ومع ذلك وجدت (نزاهة) مخالفات عدة ورواتب إضافية وتعيينات غير مستحقين وترقية غير أكفاء وإحباط شباب متقد مؤهل، فكيف إذا تولى مدير التشغيل ومدير شؤون الموظفين في الجهة كل الصلاحيات للتنفيذ.
قلت لمعالي الوزير إنكم ستمنحون الجهات الثقة والصلاحيات وتضعون لهم الحبل على الغارب قبل سد ثغرات إساءة الاستخدام الموجودة أصلا وتتكشف كل يوم، فحبذا لو كانت البداية بأن تكون إدارات الموارد البشرية في الوزارات مرتبطة مباشرة بوزارة الخدمة المدنية، أو على أقل تقدير أن يكون لوزارة الخدمة ممثل فيها، تماما مثل الممثل المالي التابع لوزارة المالية، وكان رد معاليه أننا سنراقب كل الحركات الوظيفية للجهات بالحاسوب فنعرف كم الترقيات والتعيينات، وهنا قلت لمعاليه إنكم بالحاسوب ستراقبون الكم وليس الكيف وهو الأهم.
مشكلة توجه وزارة الخدمة المدنية الحالي أنه يحاكي أسلوب عمل القطاع الخاص، وثمة فرق كبير جدا يجب أخذه في الحسبان وهو أن المدير في القطاع الخاص محكوم بمعيار نجاح واضح هو تحقيق ربح مالي وهو دافعه للعمل، فهو يعلم أن الشركة لو لم تحقق الربح فسيخسر منصبه، لذا فإن لديه دافعا للعمل للوصول إلى هدف صعب، لن يصل إليه لو عين غير مؤهل أو رقى غير مستحق أو أحبط موظفا منتجا، بينما المدير في الحكومي دافعه للبقاء مختلف جدا وهو إحاطة نفسه بقريب وصهر ونسيب ومساعدين غير مؤهلين، له عليهم منة ومعروف، يفرض الولاء للمدير لا للمؤسسة!
إن ما يتلقاه كاتب الرأي من شكاوى الظلم الوظيفي والمخالفات الواضحة لأنظمة الخدمة المدنية والالتفاف حولها، يفوق ما وجدته هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) أو ديوان المراقبة العامة، لأن غالبية الموظفين المحبطين يخشون تبليغ الجهات الرقابية أو حتى التحدث مع مندوبهم الزائر.
نقلا عن عكاظ .
جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.