د. صالح بن ناصر الحمادي ( الكذب في حضرة الأمير )
أكثر من أربعين عاما ونحن نزخرف معسول الكلام، ونضعه في ورق سلوفان لتقديمه في أسابيع نظافة وهمية، واسابيع مرور شكلية، وأسابيع تشجير مدبلجة ، جميع المناطق تتنافس على الكذبة الكبرى بحضرة “الأمير أو نائبه” وعلية القوم ، كلهم يشاركون ويتصورون ثم يغادرون ويزول كل ما تم بزوال الأثر.
أربعين عام نغرس كل عام آلاف الشتلات، ولو تم التنفيذ ومن ثمت العناية، والمتابعة لكانت السعودية غابة خضراء تسر الناظرين، أربعين عام ونحن نقوم بحملة نظافة المساجد ثم نرمي بقايا علب المياه ، والمناديل المستخدمة في المسجد ثم نغادر للمزاحمة على “الآحذية” أكرمكم الله، التي تعيق المصلين، وتحرم المعاقين من دخول المسجد.
أربعين عاما ونحن ننفذ حملة ضخمة عن المرور بمشاركة دول مجلس التعاون وفي الأخير نسجل أعلى نسبة حوادث كارثية في العالم، وأعلى نسبة تجاوزات ومخالفات مرورية، وأسوء قيادة سيارات في العالم.
أربعين عام ونحن نكذب الكذبة، ونصدقها ، ولا نلتزم بشيء من بنودها، ولا نطبق شيء على أرض الواقع، ونمشي في جنازة ضحاياها ، ولا من شاف ولا من دري ” سكتم بكتم “والاجر على الله.
أربعين عاما ونحن نقدم للمسئول معسول الكلام، فلا نصدق في القول، ولا المسئول سأل عن نتاج الاحتفاليات السابقة، وبهرجتها ووسائل تلميعها!!!!.
ترجلت نحو التقاعد، ووضعت رجل على رجل بعد مشاركتي في ” الكذبة الكبرى” طوعا أو كرها أربعة عقود من الزمن، وتوقعت نهاية مطاف لأريح واستريح، لكن ديوانية اللواء سعيد أبو ملحه بكل مواقف الفقيد الإنسانية، دعتني للمشاركة في حفلة غرس السدر في محافظة خميس مشيط ، الهدف المعلن رائع والتحرك الجمعي التطوعي بقيادة أعضاء الديوانية والأبن البار محمد بن سعيد أبو ملحه أيضا رائع، ومشاركة أشقاء لنا من الأردن ولبنان وعدد من مسلمي العالم شيء يثلج الصدر ، وتقديم الحفل والترحيب بنائب أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز بثلاث لغات أيضا شيء مدهش.
اما شنة ورنة ” الكذبة الكبرى” فقد بدت ملامحها منذ بداية الشارع الفرعي المؤدي لمنتزه” المراث ” حيث انتشر عدد كبير من العمالة يجددون بوية الرصيف على جانبيه قبل وصول الأمير ، وبعدها وجدت أكبر حشد من العمالة لتنظيف المنتزه بشكل لافت ومخجل ولا أعلم أين ضمائر القائمون على هذه العمل الذي يصل ذروته في حضرة الأمير فقط.
” الكذبة الكبرى” استمر عرض فصولها عندما قذف بعض الضيوف وهم من علية القوم بقوارير المياه على ارض الحديقة فورتحرك الأمير للتصوير معه، وتركوا المخلفات خلفهم تحكي ثقافتهم وواقعهم المرير ….!!!
” الكذبة الكبرى” تمت بوضع عدد من الشتلات في حفر معدة سلفا، واتت الواقعية والصدق من مسئول كبير حضر الاحتفالية عندما أشار إلى حفلة تشجير مماثلة في منتزه أخر بخميس مشيط قبل عام ولا يوجد أي أثر لهذه الحملة بعد مرور سنة من الحفلة التنكرية ” الكذبة الكبرى” أو سموها ما شئتم.
يتم كتابة سيناريو” الكذبة الكبرى” بمشاركة مسئولين ارتضوا تحمل الأمانة التي تبرأت منها السماوات والأرض، فكيف يثق الأمير ونائبه في أشخاص يزينون الأرصفة ويهتمون بالمكان لحظة وصولهما فقط ؟ ولماذا يفعلون هذه التضليل وهذه ” الكذبة الكبرى” التي لا يجبرهم عليها أحد؟.
السؤال الأهم متى نوقف هذه الممارسات ؟ بل لماذا نكذب في أمور عدة من خلال تفاصيل حياتنا اليومية ؟ متى نتعامل بالصدق مع الله ومع المسئول دون التسلح ببهرجة” الكذبة الكبرى” التي يعريها الواقع المرير.
همسة
تم توفير 500 شتلة وتم زراعة 43 شتلة وعليكم الحساب !!!!!!
الذي يهتم بالعمل عند زيارة ولي الأمر فقد ضيع الأمانة وتبرأ من الديانة وسلامتكم.