هالة القحطاني ( طريقة تجعلك تحقق أهدافك )
هذا جزء من «هراء» التنمية البشرية أيها السيدات والسادة، الموضة الأكثر انتشاراً بين بعض أفراد المجتمع من النفوس الهشة والمرهقة التي دكتها المشاكل دكاً، فأغلب الاستراتيجيات التي تتبعها التنمية البشرية عديمة الفائدة، فتجد مدربين على سبيل المثال يستخدمون تقنيات للتنويم والبرمجة تعطي نتائج مؤقتة سببها تأثير المدرب فقط، ثم تليها انتكاسات فادحة تترك آثاراً مدمرة، مثل تلك الجلسات التي يتعرفون فيها على مشكلة المرأة التعيسة ثم ينصحونها بالتخلص من الشخص السلبي الذي يسبب لها الضرر النفسي بطريقة واحدة لا عقلانية، المغادرة أو الابتعاد أو السفر أو الهروب، ولا غرابة في أن يكون دائماً الشخص السلبي الزوج، من دون الإشارة أثناء تلك النصائح المدمرة لمصلحة الأطفال، أو أهمية الحفاظ على كيان الأسرة من التفكك، بل من أجل إيقاظ «الأنا» وتغذيتها، إلى أن تصل بها لمرحلة الغرور.
فبعد أن تغادر لتعيش لنفسها ومن أجل نفسها فقط، تستمتع بحبها لذاتها وإسعادها أكثر من أي شيء في هذه الدنيا، لأنها الأفضل والأجمل وكل الأشياء الإيجابية تحيطها من كل جانب، ما أن يبتعد المدرب ويخفت تأثيره عليها تنتكس وتكتشف ما آلت إليه الأمور!
وأسوأ ما يتلاعب به مدرب/مدربة التنمية البشرية الذي أخذ اعتماده بعد ساعات قليلة فقط، هو إقناع الفرد بقدرته على مساواة المشاعر العاطفية ووضعها نداً بمستوى العقل، لتبدأ عملية تجريد الفرد من مشاعره ثم إنسانيته تماماً، والاستمرار في المسير تجاه منحدر بناء الذات الوهمي التي تعتمد على إفساد «الأنا».
وأخطر ما فعله المدربون استخدامهم نصوصاً من القرآن في بعض أجزاء محاضراتهم وجلساتهم، لإقناع الأفراد بأن ما يفعلونه لا يتعارض مع الدين لتمرير الأكاذيب والأوهام تحت غطاء ديني، فيتم الولوج لنفسية الشخص بكل أريحية لإقناعه بأن الحياة والرزق سيتغيران للأفضل بمجرد تغيير طريقة التفكير مع نهاية الدورة أو الجلسات، طالما استمر في إغماض عينيه واكتفى بحب نفسه، مع أن جميع الأديان السماوية التي نعرف تحفز وتطالب الإنسان بالسعي والعمل.
لا يمكن أن تستمر في إقناع نفسك بأنك تستطيع أن ترفع قطعة معدنية بعينيك لأن المدرب أوهمك بذلك، كما لا يمكنك أن ترسم ما تريد في حياتك لأن هناك قانوناً إلهياً يتحكم في مجرى حياتك، فلا يمكنك أن تضع الأشخاص الذين ترغب بهم وتزيل من لا ترغب في وجودهم تماماً في مغامرة جامحة، فالحياة ليست «رقعة شطرنج» تلعبها مرة ثانية!
حين يغيب التفكير العلمي القادر على تحليل نتائج التفكير الفلسفي والمنطقي في حياة الإنسان، فإنه من الطبيعي أن يلجأ لتصديق كل ذلك الهراء الذي يقدم إليه باسم التنمية البشرية.
ما زلت أطالب بأن تتحقق أكثر من جهة مختصة حكومية كانت أم خاصة من شهادات مئات من مدربي ومدربات الموضة، وتتأكد كذلك من وجود تلك المراكز ومدى صحة تلك الممارسات والخرافات الأنيقة، التي عبثت بالعقول ودمرت العديد من الأسر.
صحيفة ’’ الحياة ’’