لابد من الحذر! (د. هلال محمد العسكر )
الحذر هو التأهب واليقظة وأخذ الحيطة قبل وقوع المكروه، لذا لا ينبغي للإنسان أن يكون ساذجا، لا يعتبر بالأحداث التي تدور حوله، فإذا ما خانك إنسان فلا ينبغي أن تثق به مرة أخرى، فتلك هي السذاجة، وإذا ما جربت فساد أمر فلا ينبغي أن تعود مرة ثانية وتجرب التجربة مرة أخرى، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).
لابد من الحذر، لأن الناس ليسوا سواء، فمن الناس الوفي ومنهم الغادر، ومنهم الطيب ومنهم الخبيث، ومنهم الصالح ومنهم الطالح، إن من النفوس نفوسا تبلغ في خستها أنها لا تنتقم إلا ممن يحسن إليها ويتفضل عليها.
لابد من الحذر، لأن من الناس من يعيشون على هفوات الآخرين وأخطائهم، بل قل يعيشون على طيبتهم وسذاجتهم أحيانا. وقد جاء في الأثر: لا تقوم الساعة حتى لا يأمن فيه المرء جليسه.
لابد من الحذر فيما يسمع ويقال ويشاهد، وفي الصحبة، فمثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يعطيك وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة). إما أن يوقعك في مهلكة وإما أنك لن تسمع منه الكلمة الطيبة، يقول الشاعر:
احــــــذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضـرة
لذا كان لابد من التجربة والمحك قبل أن يكون بينك وبين الناس صحبة، يقول أحد الصالحين: إذا أردت أن تصحب أحدا فأغضبه، فإذا ذكرك بالخير وحفظ سرك فاحرص عليه فإنه أخوك، وإذا ذكرك بالسوء وكشف سرك فلا تحرص عليه فإنه لئيم، والحذر من الناس لا يتعارض مع حسن الظن بهم.
وأما وسائل الحذر فكثيرة نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر: التفكير في العواقب والتحري وعدم الاستعجال والانسياق وراء ما يشاع في وسائل الاعلام أو التواصل الاجتماعي، وعدم الاقتراب من التجمعات المشبوهة والتجمهر وإثارة الشغب أو التحريض عليه، والتعاون مع الجهات الأمنية وتعليماتها واحترام النظام.
صحيح أن الحذر لا يمنع القدر، ولكنه واجب حتى لا يكون المرء مهملا ومفرطا وسببا في البلاء على نفسه أو على غيره، فيلوم نفسه ويحاسب على تقصيره، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.