محافظة الدلم والتنمية المحلية(د. هلال محمد العسكر )
التنمية في محافظة الدلم لا تزال -في رأيي- تحبو بسبب بعض المعوقات التي تحُد من وصولها إلى تحقيق كل الآمال والتطلعات المرجوة؛ مما جعلها من المناطق المتأخرة في الكثير من المجالات التنموية. من هذه المعوّقات ما هو اجتماعي كثقافة العيب؛ وهي تتمثل في تجنب المجتمع لبعض الوظائف كالنجارة، والحدادة، والزراعة، والبيع وغيرها من المهن التي تحتاجها التنمية المحلية، حيثُ يخجل الفرد من العمل بهذه الوظائف خوفاً من نظرة المجتمع الساخرة له، وجود بعض العادات والتقاليد السلبية، ضعف برامج تنمية مواهب الأفراد وتشجيعهم، تغليب المصالح الخاصة على العامة، وغياب القيادات المحلية الفاعلة التي تحرك فعاليات المجتمع وتوجهها نحو نشاطات ومتطلبات التنمية.
هذا وعلى الرغم من أن المحافظة منطقة زراعية بامتياز، ويمكن أن تكون مصدر جذب للاستثمارات الزراعية والصناعية والسياحية، الا أنها كذلك تعاني من بعض المعوّقات الاقتصاديّة كالنمو المتسارع للسكان، عدم وجود رؤوس أموال، سوء الإدارة، عدم كفاءة وكفاية منتجات المحافظة التجارية، ضعف دافع المنافسة بين التجار، الاستغلال المفرط للموارد البيئية غير المتجددة، قلة عدد الأخصائيين من أبناء المحافظة الذين يستطيعون القيام بإدارة التنمية، حيث تفتقر العديد من مؤسساتها إلى وجود كفاءات كافية من ذوي التأهيل والخبرة في مجال التنمية؛ مما يُؤدي إلى سوء إدارة التنمية، وهذه المُشكلة جاءت نتيجة عدم توفر مؤسسات تُعنى بتأهيل أفراد قادرين من أبناء المحافظة على إدارة التنمية بالشكل الصحيح والمطلوب.
إن التنمية المحلية تتطلب الكثير من الوعي والحس الوطني والشعور بالانتماء؛ الذي يصاحبه العطاء أكثر من الأخذ، والتضحية بالمال والوقت والجهد دون تردد، والمساندة والتشجيع والدعم، لا الوقوف حجر عثرة تفرجا ونقدا بسلبية متناهية تجاه برامج التنمية والقائمين عليها.
التنمية في كل مجتمع لها قادة ورواد، وهؤلاء لا يريدون من المجتمع الا التقدير والتشجيع والتحفيز وحفظ الحقوق، لا تكسير المجاديف وتثبيط العزائم والنقد والتجريح والعداء الظاهر والمستتر! ولا عذر بعد اليوم مع وجود الرؤية الوطنية 2030، وبرامج التحول 2020، لاتهام الحكومة بالتقصير، أو التردد بحجة عدم معرفة المطلوب، فالدور أصبح على كاهل المجتمع وواضحا وضوح الشمس وعلى كل فرد من أفراده أن يتحمل مسؤولياته.