ربع قرن على إنشاء هيئة التخصصات الصحية
ربع قرن على إنشاء هيئة التخصصات الصحية .. حمد المانع يكتب عن #الهيئة_السعودية_للتخصصات_الصحية
الخميس، ١١ يناير / كانون الثاني ٢٠١٨
أحد أكبر العوائق في طريق توطين الوظائف في بلادنا التشكيك الدائم الذي قد يكون ممنهجًا أحياناً في قدرات أبناء هذا الوطن على الاضطلاع بمهام بنائه بالارتقاء بقدراتم وحمل أعباء مسؤولياتهم. لكن أبناء البلاد أثبتوا لنا على مدار الأعوام الماضية كفاءتهم وقدرتهم على المنافسة في جميع المجالات من دون استثناء.
وإن إيماني بقدرات أبناء بلادنا وملكاتهم بلا حدود، ولعلي أقصر الحديث هنا على مجال تخصصي، حتى يكون الحكم عن معاينة ودراية، فقد كنت محاطاً طوال وجودي على رأس العمل في القطاع الصحي بكوادر وطنية مخلصة عالية التأهيل، زملاء أفاضل، وأبناء واعدين، حملوا معي أمانة النهوض بقطاع الصحة، فكانوا لي، بعدالله، نعم السند والمعين، والمواقف التي تشهد على ذلك أكثر من أن يتسع هذا المقام لإحصائها، لكنني كنت يوماً بعد يوم يزداد يقيني بأطبائنا السعوديين رسوخاً وثباتاً.
وخارج المملكة أثبت الطبيب السعودي موهبته وعلمه على نحو يدعو للدهشة والإعجاب، فطالما كان الطبيب السعودي في أثناء وجود بعضهم للدراسة أو للحصول على شهادات الماجستير والدكتوراه، منافساً حقيقياً لزميله الطبيب الغربي، بل تفوق كثير من زملائنا على أقرانهم الغربيين، حتى إن بعض الدول سعت إلى استقطاب أصحاب المواهب الخاصة منهم للبقاء هناك؛ للاستفادة بخبراتهم وملكاتهم، ولقد قدم لبعضهم إغراءات كثيرة للبقاء في تلكم الدول، بعرض منحهم جنسيات تلك البلاد، وبالعروض المادية السخية والعيش الرغيد، لكن كثيراً منهم فضلوا العودة إلى المملكة لإثراء العلوم الطبية ومهنة الطب في بلادهم، وبعضهم الآخر آثر البقاء للاستفادة من جديد الطب في العالم، وتمثيل بلاده في المحافل الطبية العالمية، لذا فلا تتفاجؤوا حين أقول لكم إن أفضل طبيب أسنان في سويسرا طبيب سعودي، وهذا مثال فقط، وإلا فأبناء بلادنا المتحققون في الميدان الطبي حول العالم كثيرون.
ولا يمكننا بحال من الأحوال حين نتحدث عن مهارة الأطباء السعوديين ونبوغ بعضهم، أن نتجاوز أهم جهة على الإطلاق تبدأ من عندها مسيرة الطبيب السعودي، الجهة التي تقوم بدور صمام الأمان الذي يضطلع بعملية الفلترة؛ من أجل ضمان بقاء المخرجات الصحية في بلادنا على هذا المستوى من الجودة، ألا وهي الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، مفخرة الطب السعودي التي احتفلت قبل أسبوع بمرور ربع قرن على إنشائها، وأسعدني الزملاء هناك بدعوتي لحضور احتفالهم الرائع الذي اعترتني مشاعر سعادة كبيرة وأنا أتأمل هذا العرس الطبي المبهج ومشاهد كثيرة لمسيرة القطاع الصحي الحافلة في بلادنا تمر في ذهني.
وجوه كثيرة كريمة حبيبة إلى القلب جعلت لهذا الاحتفال الذي رعاه معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، معنى كبيراً ووقعاً طيب الأثر في النفس. أيضاً كان موقف الأمين العام الحالي للهيئة برفسور أيمن عبده موقفاً راقياً يليق به وبالهيئة، حين دعا جميع الأمناء السابقين وكرمهم فكان هذا تقديراً مشكوراً منه، ولفتة إنسانية راقية. لقد كان باعثاً على الافتخار والاعتزاز حضور هذه الوجوه لتكريمها في مشهد يثلج الصدر، د. إبراهيم العريني، أول أمين عام لهذه الهيئة وواضع اللبنة الأولى لها، ثم د. حسين الفريح الذي طورها وبناها وعمل لها كيانًا على مدى ثلاثة عشر عامًا، وقد شرفت بالعمل معه فهو من دون شك قامة وطنية تستحق التقدير، ثم جاء من بعده د. عبدالعزيز الصائغ الذي أكمل المسيرة لمدة ثلاث سنوات، وأخيرًا الأمين الحالي البروفيسور أيمن عبده الذي يبذل جهودًا مضنية وحثيثة لتطوير هذه الهيئة، فلهؤلاء الأساتذة الكبار جميعًا دون استثناء تقديري وثنائي، فبجهودهم الكبيرة يمكننا القول، وأنا واثق مما أقول، إن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أقوى هيئة بين نظيراتها على مستوى العالم العربي. فالجميع يغبطوننا عليها؛ لأنها بنيت على أعلى مستوى من الجودة وبأيدٍ سعودية مئة بالمئة. فهنيئاً لوطننا هذا الصرح الصحي الكبير، وهنيئاً لنا هذه القامات الطبية العالية.