تحسين المنزلة الإنسانيّة ( عبدالله إبراهيم الكعيد )
* لا يُقبل بأن يخترق هذا السقف شيء أثمن من الإنسان؛ لأنه لا يوجد شيء على الإطلاق يعادله بالقيمة.
* الدكتور «فريد هاريسون» من جامعة «أكسفورد»، بعد أن قام بدراسة مشكلات القوى البشرية في (75) بلدًا، خرج بحقيقة تقول بأن تقدم أي أمة من الأمم يعتمد أولًا وقبل كل شيء على تقدم شعبها، فحين لا تُنمى روح الأمة وطاقاتها البشرية، فهي لن تكون قادرة على تنمية أي شيء آخر، ماديًّا كان أو اقتصاديًّا أو سياسيًّا أو ثقافيًّا، والمشكلة الأساسية في معظم الدول المتخلفة ليست الفقر في المصادر الطبيعية، وإنما التخلف في الموارد الإنسانية، ومن هنا كان من المفترض عليها أولوية بناء الأفراد، أو بناء الثروة البشرية، ومعنى هذا لا بد من رفع مستوى التعليم والمهارات، وبث الأمل في نفوس الناس.
* المجتمعات التي تجعل المقياس الحقيقي للأشياء هو الإنسان لا شك بأنها مجتمعات متحضرة، وبالتالي لا يستغرب تصدرها السباق الأممي نحو التقدم والتطور ورفاهية الحياة، بعكس الأمم التي لا يشكل الإنسان فيها أولوية قصوى، فقد تطغى أهمية الأشياء على الإنسان، فتنصرف الخطط نحو بناء المصانع والمعدات العسكرية وناطحات السحاب قبل بناء الإنسان، هذه الأمم قطعًا ستواجه خللًا وإرباكًا في نمو الأوطان، فيكون الناتج تطورًا (شكليًّا) لا (نوعيًّا)، فلا الإنسان قادر على التعامل مع معطيات التطور تلك، ولا الأشياء قادرة على البقاء بوجود إنسان غير مؤهل لإدارتها وصيانتها، والحفاظ على ديمومتها.
* لهذا يجب الاعتراف بأننا هنا في بلادنا، لم يك بناء الإنسان يحظى بأولوية قصوى في خططنا السابقة؛ مما أدى إلى تكوين أفراد غير قادرين على التعاطي مع مستجدات الحياة المعاصرة، ليس هذا فحسب، بل أورثوا للأجيال اللاحقة بعض الأنماط السلوكية السلبية، سواء تلك المتعلقة بالأداء الإداري، أو بالعلاقة مع المنجزات الوطنية، أو حتى بماهية ونوعيّة الإنتاج، ناهيك عن الوعي، وما أدراك ما الوعي.
* اليوم الأمر في تحسّن ملحوظ؛ إذ أصبحنا نرى الاهتمام بالإنسان يتزايد والسعي نحو تطوير معارفه، قدراته، ومهاراته يأخذ أشكالًا وميادين متعددة، بعد أن اتضح ألا تنمية ولا تطور بدون إنسان مؤهل، قادر على إدارة شؤون حياته بمعرفة ومهنية عالية، ربما تعود الأحلام مجددًا للخروج مما يُسمى بـ«صندوق» العالم الثالث.