بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة
المصلحة من «الصلاح»، وقد قيل إذا صلح العضو صلح الجسد، والعكس بالعكس، وقد يجوز (في حديثي هذا) وضع الفرد مكان أحد أعضاء الإنسان، كاليد والرأس أو اللسان، فهل يجوز أن يستأثر عضو واحد على بقية الأعضاء في شؤون الجسد وحاجته للبقاء؟.. قطعًا لا...
وكذلك الفرد لا يمكن قبول تقديم مصلحته الشخصيّة على المصلحة العامة؛ لهذا تنص القرارات الوطنية المفصلية على التذكير بمقتضيات المصلحة العامة، ومن أجل صلاح أحوال العموم لا الأفراد.
حسنًا، ماذا لو تعارضت مصلحة الفرد مع المصلحة العامة، فأيهما يفترض أن يخضع للآخر؟
في كل الفلسفات والمفاهيم وما يقوله المنطق، أن الواجب خضوع مصلحة الفرد، حتى ولو كان المدعو (كائنًا من كان) خضوعه للمصلحة العامّة الجماعية.
لنضرب مثلا: هب أن راكبًا في سفينة رأى من مصلحته أن يدق مسمارًا في قاعها؛ الأمر الذي ربما يؤدي إلى إغراقها، فما هو المتوقع أن يكون رد فعل ركّابها الكُثر؟ أيسمحون بفعلته تلك؟ دعونا من جيشان العاطفة، ولنسمع في مثل هذه الأحوال لصوت العقل، الذي يحض على التضحية بمصلحة ذلك الفرد (وربما بالفرد نفسه لو أصرّ على الإضرار)؛ من أجل بقاء الجماعة وسلامتها، فما بالكم بالمصلحة العامة للأوطان وناسها.
بعض المصالح الخاصة تمر عبر بوابة انتهاك القوانين، وسلب الحقوق، والأخذ المستدام من العام دون التفكير بالواجب، وربما تجاهل أو تناسى صاحب المصالح الخاصة قانون «كل حق يقابله واجب»، فهو يحرص كل الحرص على حقوقه، لكنه يغفل بل يجحد واجباته.
أيضًا في (بعض) التجارة أثناء سعي أهلها للمكاسب الفارطة شيء من تغافل عمّا تقتضيه المصلحة العامّة، يقول الفيلسوف وعالم الاقتصاد الأسكتلندي آدم سميث (1723-1790): «لم أرَ قط أن أولئك الذين ينشدون عبر أعمالهم التجارية العمل من أجل الصالح العام - قد فعلوا العديد من الأشياء الجيدة». يا تُرى ما الذي سيقوله مستر سميث عن كثيرٍ من تُجّار اليوم، وأفعال معظم بنوكنا المحليّة؟!
* صحيفة المدينة .
aalkeaid@hotmail.com