الرشاوى.. أم المصالح ؟!
الرشاوى في عالم السياسة عندما تستخدم فإنها تخدم أفراداً أو كيانات صغيرة أو جماعات أو أحزاباً أو تنظيمات أو غيرها ، وهي على المدى القصير تبدو ناجحة ولكن نجاحها مؤقت تحفها المخاطر من كل حدب وصوب ، وتكون كارثية ووبالاً على الدول التي تستخدمها لاستمالة من تدفع له. الرشاوى قبل عصر وسائل التواصل كانت تمر بسلام لأن إثباتها صعب جداً أما في عصرنا الحاضر فمع تسريب أية معلومات عنها فإن وسائل التواصل لها بالمرصاد، وما حصل في تنظيم قطر لكأس العالم الأخير شاهد على ما نتحدث عنه مما أدى إلى الإطاحة بمسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) . فتنظيم قطر لكأس العالم 2022 أحدث «ضجة» إعلامية غير مسبوقة بل أطاح برؤوس في الفيفا ،وكيف أن دويلة صغيرة تقوم بتنظيم محفل دولي كبير في ظل ليس فحسب غياب كامل للبنى التحتية التي يشترطها الاتحاد الدولي لكرة القدم بل حرارة الجو في قطر وفي بعض دول الخليج العربي والتي تلامس وقد تتخطى الـ 50 درجة في فصل الصيف ؟! ،مما جعل المسؤولين في الفيفا في موقف حرج بل فاحت رائحة اللا منطق واللا معقول وأشارت أصابع الاتهام فيها لمحمد بن همام ،الذي كان رئيس الاتحاد الآسيوي وتم طرده للعبه دوراً في تنظيم قطر لكأس العالم ، حيث دفع رشاوى وصلت إلى 5 ملايين دولار ،وفق صحيفة الصنداي تايمز .ولكن يبدو أن السبحة بدأت تنفرط عندما وجه المدعي العام السويسري أصابع الاتهام قبل أيام لرئيس قنوات بي إن القطري ناصر الخليفي ورئيس نادي باريس سان جرمان ،وكذلك الفرنسي جيروم فالكه الأمين العام السابق للفيفا على خلفية شبهات فساد في منح حقوق البث التلفزيوني لمباريات المونديال .الاتحاد الدولي لكرة القدم أيضا قام أيضا بدوره بفتح تحقيق أولي رسمي بهذا الشأن .
أما المصالح فهي على النقيض تماماً من الرشاوى فهي عادة تخدم مصالح مشتركة بين بلدان . فالمصالح تحكم بل توجه السياسات بين الدول بل جعل الدول تتخندق في صف كل دولة تتعامل معها معاملة مصالح وليس معاملة رشاوى ،وهذا الفن في السياسة «فن المصالح المتبادلة « تتقنه وبامتياز المملكة العربية السعودية ،كون المصالح المشتركة والمتبادلة هي أساس أية تعاملات على المستويات القصيرة والمتوسطة والبعيدة ،في حين قطر تتفنن في إتقان أسلوب الرشاوى ومرشحها لإدارة منظمة بحجم اليونسكو حمد الكواري يبرهن لنا أن قطر ،إلى جانب شبهات تنظيم كأس العالم واستخدامها للرشاوى ، وكذلك حقوق البث للمونديال ،نهجت النهج ذاته في اليونسكو فطارت الملايين والمليارات، وستلاحقها لعنة الرشاوى وإلى الأبد.
نخلص إلى القول أن الرشاوى تخدم جيوب أشخاص ومصالحهم الشخصية ،في حين أن المصالح تخدم شعوباً ودولاً لتبادل المنافع بينها.