التوطين
والاقتصاديون مجمعون على أنه لا يمكن الاكتفاء الذاتي من كل شيء، لكن من المفيد أن تكون المؤشرات الاقتصادية مناسبه، مثل نسبة البطالة، وثبات قوة العملة، والميزان التجاري، وميزان المدفوعات، والسيطرة على التضخم، والرصيد من العملة الصعبة، والتوازن بين الاستثمارات الداخلية والخارجية، والاستثمار في الأبحاث لاسيما في التقنية، والسيطرة على الدين، واستشراف المستقبل وتوازن الميزانية، وغيرها من الأدوات الاقتصادية.
ويبدو أن النماذج الاقتصادية التي كانت وما زالت تلعب دوراً في الاقتصاد العالمي وعلى رأسها كنيزين موديل آخذه في التقهقر في ظل سيادة معطيات التقنية الجديدة، لهذا فكانت النشرة الشمولية ذات البعد الاستراتيجي تجعل الرؤية أكثر وضوحاً، والمستقبل أكثر إشراقاً.
ورؤية 2030، هي تلك النظرة ذات البعد الإستراتيجي متوسط المدى الذي سيتم من خلالها الانتقال من الاعتماد الكامل على النفط الخام، إلى تنوع الاقتصاد وفتح آفاق جديده، ليشارك القطاع غير النفطي بنسبة أكبر في مجمل النشاطات الاقتصادية وليس الميزانية الحكومية فقط.
ولتحقيق هذه الغاية فإن توطين الصناعة والخدمات أصبحت إحدى ركائز هذه النظرة الثاقبة، ولا يمكن لذلك أن يتم الا من خلال توطين الاستثمار المحلي، وجلب استثمارات أجنبية للمساهمة في اقتصاد مزدهر، وهكذا فقد تنوعت أوجه تلك الصناعات الواعدة، من صناعات حربية، وصناعة نفطيه عريقة مثل تكرير النفط، وصناعات أساسية مثل سابك، إضافة إلى صناعات أخرى مثل الإسمنت والحديد والورق وغيرها، وأخيراً هذه النقلة الحديثة في صناعة الطائرات دون طيار بكلفة مخفضة، والعمل على صناعات أخرى مثل السيارات والتقنيات الحديثة الواسعة، وغيرها والحقيقة أن هذا المجال واسع الآفاق.
مجال آخر هو مجال الخدمات، والتي أصبحت واضحة، بعد التوسع في بعض المعطيات الترفيهية، والسياحة لاسيما في ظل وجود الآثار الكبيرة والعريقة والأماكن السياحية الطبيعية الخلابة لا سيما تلك المنتشرة على سواحل المملكة، وهي التي ما زالت بكراً يمكن استغلالها بشكل كبير، والحقيقة أن فرص الاستثمار السياحي متاحه في أعالي جبال السروات حتى حدود المملكة المترامية الأطراف
والخدمات العامة من مواني ومطارات وبنية تحتية وماء وكهرباء وتوليدها بالطاقة الشمسية وغيرها من أوجه الطاقة المختلفة، مدعاة لجلب رؤوس الأموال والخبرات العالمية في ظل استقرار سياسي وأمني كبير والحمد لله .
إن الاتجاه إلى التوطين يعني إتاحة الفرصة لعدد كبير من المواطنين للعمل في مجالات مختلفة طبقاً لرغبة المواطن وإمكاناته وقدراته العلمية، وخلفيته التعليمية، لا سيما أن الكثير من مؤسسات القطاع الخاص أصبحت تقيم دورات متخصصة في مجالات مختلفة بلا استثناء .
إن موقع المملكة الإستراتيجي وتاريخها العريق، واستقرارها السياسي، وما أثبتته للعالم من نهج قويم، ومحاربة للإرهاب وتمويله، والسعي مع الدول الأخرى في نشر السلام كلها عوامل سوف تجعل رؤوس الأموال تتدفق إلى هذه البقعة الكريمة من العالم لمزيد من الربح مع استقرار دائم وبيئة استثمارية جاذبة لتجعل الاستدامة عنوانا لها .
إن ما تشهده المملكة اليوم من تغيرات هيكلية كبيره في البيئة الإدارية والاقتصادية والاجتماعية لهي شهادة كبيرة وواقعية لتوفر البيئة المناسبة لجلب الاستثمار الجاد للاستفادة من الثروات المعدنية والسياحية والمواد الأولية بشتى صورها، وليستفيد الوطن والمواطن من ذلك بفضل هذه السياسة الحكيمة .
وفق الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله جميعاً، وحفظ الله على هذه البلاد أمنها واستقرارها.