(( لا تدقق وهدي ... وخليها تعدي))
دخل زيد بيته وما إن فتح الباب ومشى قليلاً
حتى تعثر بلعبة طفلته وكاد أن يقع
رفع اللعبة ثم واصل طريقه متجهاً إلى المطبخ حيث زوجته وهو متضايق مما حصل له فلولا عناية الله كان سقط على وجهه وكسرت يده ...
يا الله كم مرة قلت لها اهتمي بترتيب البيت، لم لا تأخذي بكلامي ؟!
وصل إليها فقابلته بابتسامة مشرقة وكلمة رقيقة
وإذا هي قد أعدت مائدة لذيذة من الطعام الذي يفضله
فأطفأ كل ذلك غضبه وجعل يفكر
هل الأمر يستحق أن أكرر مرة أخرى عليها نفس الاسطوانة ؟!!
لتغضب وتخبرني أنها كانت مشغولة بإعداد الطعام فتجلس على المائدة وهي متضايقة ؟! ونتكدر باقي يومنا ! أعتقد أنه من الأفضل والحكمة أن أتغاضى قليلاً لنسعد كثيراً !
**** ****
الموقف الثاني
انتظرت أمل مجيء خالد بعد انتهاء الحفلة التي دعيت لها ولكنه تأخرومرت عشر دقائق ثم نصف ساعة على الموعد الذي اتفقا عليه وبدا المدعوون بالتناقص . ثم مرت ساعة كاملة ولم يبق إلا هي وأصحاب الدعوة الذين كانوا يجاملونها مع ما بدا عليهم من إرهاق !! يا إلهي أين أنت يا خالد؟ انك دائماً تحرجني بتأخرك ! ولا تلتزم بالمواعيد بتاتاً . لقد كدت أبكي من الخجل أخيراً حضر!! ركبت أمل السيارة بسرعة وهي ترتجف من الغضب ، وقبل أن تفتح فمها أخبرها أنه قد طاف على سبع محلات تجارية ليشتري لها الجهاز الذي طلبته ، ولأنه يفضل أن يختار أجود نوع فلم يكن يقنعه أي منتج حتى وصل آخر محل فوجد عنده هذا الجهاز
أنه في الخلف هل انتبهت له عند ركوبك؟ التفتت إليه فإذا هو مغلف بالورود على المقعد الخلفي وإذا هو طلبها تماماً.. مسكين أنت يا خالد ما أطيب قلبك ! لكن أيضاً لقد أحرجني عند أقاربي ولا بد أن أخبره أني متضايقة !!
فكرت قليلاً ؟! إن عاتبته قد يغضب ويعلو صوته كالعادة وأنا الآن في غنى عن هذه المشاكل.. وإن تغاضيت وسكت ارتحت ومضت سفينتنا على خير.. وهذا ما اخترت والحمد لله
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي !!
** **** **
لا يخلو شخص من نقص ومن المستحيل على أي زوجان
أن يجد كل ما يريده أحدهما في الطرف الآخر كاملاً كما أنه لا يكاد يمر أسبوع دون أن يشعر أحدها بالضيق من تصرف عمل الآخر وليس من المعقول أن تندلع حرب كلامية كل يوم وكل أسبوع على شيء تافه كملوحة الطعام أو نسيان طلب أو الانشغال عن وعد غير ضروري أو زلة لسان ، فهذه حياة جحيم لا تطاق ولهذا على كل واحد منهما تقبل الطرف الآخر والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات ، أو طبائع وكما قيل " تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل " وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور ويقال: ما زال التغافل من فعل الكرام وبعض الرجال هداهم الله - يدقق في كل شيء وينقب في كل شيء فيفتح الثلاجة يومياً ويصرخ لماذا لم ترتبي الخضار !؟ أو تضعي الفاكهة هنا أو هناك ؟ ولماذا الطاولة عليها الغبار ؟ كم مرة قلت لك الطعام حار جداً ؟! الخ ...
وينكد عيشتها وعيشته على توافه الامور والقشور ..
كما أن بعض النساء كذلك تدقق في أمور زوجها ماذا يقصد بكذا ؟
ولماذا لم يشتر لي هدية بهذه المناسبة ؟
ولماذا لم يهاتف والدي ليسأل عن صحته ؟
لا وليش حاط بالك على اخواني هذا اشترى سياره
وهذا شلون بني فيلا ومن أين له الفلوس وهكذا ...وهكذا ...
وتجعلها مصيبة المصائب وأعظم الكبائرفكأنهم يبحثون عن المشاكل بأنفسهم !! كما أن بعض الأزواج يكون عنده عادة لا تعجب الطرف الآخرأو خصلة تعود عليها ولا يستطيع تركها
مع أنها لا تؤثر في حياتهم الزوجية بشيء يذكر إلا أن الطرف الآخر يدع كل صفاته الرائعة ويوجه عدسته على تلك الصفة حاولاً اقتلاعها بالقوة وكلما رآه علق عليها أو كرر نصحه عنها فيتضايق صاحبها وتستمر المشاكل بينما يجدر التغاضي عنها تماما ً
أو يحاول لكن في فترات متباعدة وليستمتعا بباقي طباعهما الجميلة
فلنتغاضى قليلاً حتى تسير الحياة سعيدة هانئة لا تكدرها الصغائر
ولتلتئم القلوب على الحب والسعادة فكثرة العتاب تفرق الأحباب ؟!
وخير الكلام قول المصطفى صلى الله عليه وسلم"من قال حين يصبح وحين يمسي, حسبي الله لا اله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله تعالى ما أهمه من أمر الدنيا والأخره"
عن جويرية رضى الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال:"ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ "قالت: نعم قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته" رواه مسلم