رساله من خادمة
أعمل خادمةً عندهم ..
و أقومُ بجميع الأعمال عنهم و كأنّ النّاس هنا لم تخلق إلّا للأكل و النوّم وقضاء الحاجة!
حتّى أغطية الأسرّه لا يستطيعون ترتيبها بعد النّوم!!
يُريدونَـني دائماً مبتسِمة، نشيطةٌ، بمزاجٍ عالٍ!!
أصحو كـلَّ يوْمٍ مع الفجْر أُكَنِّـس وأُنظِّـف أفنـيَـتـهُـمْ ..
ألتقِطُ الأوساخ التي خلّفوها في دوْرات المياه..
ألتَقطُ ملابسَهم المبعثرة و كأنَّهم لم يطيقوا لبسها ليرموها هكذا !!
أمسح و أُنظّف .. أشْعُرُ بالتّعب، فأذهَبُ لأحتَسي فنجاناً من الشّاي.. دقائق،
فأسْمعُ عُلوَّ أصواتَهم تفْتقِدُني!! ،
فأُعاوِدُ مسرعةً للعمَل..
-وفي المساء وبدُون مُراعاةََ مِن "مدام المنزل"
تقولُ لها: اذهبي و حمّـمي الأطفال كي يستعدّوا للنوّم!
يملكونَ كلَّ وسائل الرّاحة والتّرفيه،
ولديهم عُطلٌ اسبوعية يرتاحون فيها ويصحونَ فيها متأخراً،
أمّا أنا ، فطوال السّنة أصحوا باكراً دون أيّة عُطل!!
-عندما تنتاب "المدام" طبيعتها البشرية، تأخذ اجازات طبيّةٌ ، وتتدفئ، ويتعكر مزاجها..
أمّا أنا..فعندما تأتيني.. .
فأشرب شرابي واكْنُس وأُنظّف على الرّغم من الألَم و تعكّر المزاج..
وفوق ذاك يريدونني دائما مبتسِمة .. !!
أشعر دائماً بالحنين لأهلي وأطفالي ووطني ،
على الرّغم من الفَقر والحرمان الذي فيه..
فيـنعَـكِسُ على عملي ووجهي ..
فيغضبون مني ويستنكرون عدم ابتسامَتي ..!
يعيشون مع أَهْلهم وأصدقائِهمْ ويَخرجون مَعَهُم طَوال الأسبوع ..
وأنا ليس عندي مَنْ أحادثهُ وأشْكو إليه..
وإذا تحدّثتُ إلى خادمَة الجيران للحظات !؟
إتهموني بالتفلتْ والمُعاكَسة..
يتضايقون لأُمورٍ تحدثُ لهم، ويَنْزَعجون، ويتوترون ويحْزنون،
ولكن بالنسْبَة لي أَنا يريدونَني أن أفصل مشاعري عن عملي!!
و يستنكرون عدم ابتسامتي ان لم تكن!
أنا الخادمة التي سخّرني الله لَكُمْ ..
أنا بَشرٌ مثلكُم أمُرُّ بنَفس أطوارِئكمْ وحالاتِكُم لا أملِك ما تمْلكون...
جئتكم بلا مال ولا وَلدٍ ولا عضيدْ..
" فارحموا مَنْ في الأرض.... يَرحمُكم منْ في السّماء "
ضعوا نفسكم مكاني ،
بالله عليكم يامسلمين ماذا تحسون وماذا تقولون !!