كفاح ذوي الإعاقة
ذوي الاحتياجات الخاصة مُسمىً صار يعرفه الناس بأنه يُطلق على من وُلِد بإعاقة مُعيَّنة أو فقد عضواً أو حاسة من جسده بحادثة ، فهل هذا الأمر يتطلَّب من المُجتمع أن ينظر على هذا الفرد بأنه مُعاق ويعامله معاملة خاصة ويعزله بعالم خاص ، أم يدمجه معه ويُشرِكه في مسيرة النهضة وبناء البلد ؟ أترك للمَعنيِّين الإجابة!
بصفتي أحد الذين يحملون هذا المُسمى كوني فقدت يدي اليُسرى فإني ممن عاش الحالتين، فقد كُنتُ سليماً مُعافى ، وكُنتُ أرى ذوي الاحتياجات الخاصة دون التركيز على حياتهم أو معرفة مُتطلباتهم، فقدَّر الله سبحانه وتعالى أن أكون أحد أفراد هذه الفئة من المجتمع ، فاختلف شعوري نحوهم وأصبحتُ أشعر بما يشعرون وأُعاني ما يُعانون ، ولا أُنكِر أنني مررت بفترة صراع مع الواقع الجديد الذي أصبحت جزءاً منه !
فالمَدْرسة اختلفت علي والطلاب اختلفوا والطريق اختلف إلا المسجد كان كما هو في نظري لأني أجد فيه السكينة وأجد ابتسامة صادقة لا أجدها في غيره،،
وبفضل الله وعونه ثم بمساعدة أبي وأمي ودُعائهما قررت الخروج ومواجهة الحقيقة لأن الهروب من الواقع لن يزيدني إلا هموماً وانعزالاً عن الأقارب خصوصاً وعن المجتمع بشكل عام ، ولا أنسى عندما أبلغتني أمي بأن أبي سيجلب لي سائقاً خاصاً ينقلني للمدرسة أو المسجد أو أي مكان فرحت بهذا الخبر كثيراً ، ولكن هداية الله لي وتوفيقه باختيار الطريق الصحيح جعلني أتسلًّح بالصبر والعزيمة والتوكل على الله ، فانطلقت أضرب الأرض طولاً وعرضاً ولم ألتفت لمن يلمزني أو يحاول التقليل من شأني ، فالإنسان يمتلك طاقات جبارة وهبها الله له ولكن لا يستخدمها الكثير منَّا !!
فبدأت العمل أولاً بما أراه يناسبني ولا يحتاج مجهود بدني ، فعملت مع والدي في مكتب عقار ثم بعد فترة توجَّهت لما هو أجمل بالنسبة لي وهو التجارة بالعسل ، وهذا الأمر ليس بالسهل كما يظن البعض ، فالذهاب من الرياض لأقصى جنوب السعودية والاتفاق مع أصحاب المزارع مُربي النحل ومُنتجي العسل ليس بالأمر السهل ، ولكنه توفيق الله ثم عزيمتي على النجاح والاعتماد على نفسي ذَلَّلت الصعاب وجعلت كل شيءٍ سهل فقد أصبحت قادراً على قيادة السيارة العادية والثقيلةوكل عمل يقوم به السليم المُعافى ولله الحمد ..
فعندما تَصدُق مع الله تجد التوفيق في حياتك
وأنصح كل من ابتلاه الله بإعاقة أن يفوِّض أمره إلى الله أولاً ويسعى في كسب رزقه بكل ما يطيقه ولا يجلس في بيته ليكون عالة على من حوله ، فإن الله تعالى لا يأخذ من عبده شيئاً فيصبر عليه ولا يجزع إلا عوَّضه خيراً منه .