راتب الزوجة لمن؟
العنوان مستفز لا شك! وحتى الحديث عن راتب الزوجة بين الرجال في مجتمعنا تشم فيه ومنه رائحة العيب، ومنذ الإعلان عن «حساب المواطن» واستحقاقه «الدعم» المالي بعد رفع أسعار الوقود والمياه والكهرباء، أعلن أن دخل الأسرة هو المقياس، ووثيقة دفتر العائلة هي الأساس، ومع الربط الإلكتروني الحكومة تعلم كل الدخل تقريباً ربما لسنوات مقبلة! ومع هذا «حساب المواطن» أعلن أن الإفصاح عن راتب الزوجة إلزامي، وكأننا في اختبار لشفافية المواطن!
إنما دعونا نتأمل قليلاً، في المعيار الذي تم الأخذ به، لقياس أحقية المواطن في الحصول على تعويض «وهي أدقّ من دعم»، لتحمل رفع أسعار ضروريات أساسية للحياة الكريمة، وهو دخل الأسرة، ولنأخذ راتب الزوجة «وهو جزء منه نظرياً»، الذي أصرَّ «حساب المواطن» على الإفصاح عنه، والحساب من حكومة لم نتعود منها الإفصاح!
وفي اعتقادي أن الذي اقترح ضم راتب الزوجة للمعيار لا يعرف المجتمع السعودي حق المعرفة، ربما يكون استشارياً أجنبياً، أو سعودياً هواه وثقافته من هناك، جسده هنا وعقله وقلبه هناك، فالمعروف أن الزوج السعودي هو من يتحمل كلفة الإنفاق على الأسرة، بل وما يتجاوز الأسرة أحياناً، بمعنى قد ينفق على آخرين لا يشملهم «دفتر العائلة»، وغالبية الأزواج السعوديين لا يقتربون ولا يسألون عن رواتب زوجاتهم، ويمكن لهن الإنفاق إذا شِئن، وأحياناً يرفض ذلك لكونه من العيب الاجتماعي، وهنا أتحدث عن الواقع.
صحيح أن هناك حالات شاذة لهذه القاعدة التي أزعم صلابتها، فهناك حالات من الأخذ قسراً، وغمط الحقوق، واستغلال الزوجة في المديونية، لكن لكل قاعدة شواذ، ولا أزعم أن لديَّ دراسة ولا إحصاءات. تأكدي ناتج من معرفة عميقة، وهو من ناحية الدقة أفضل من إحصاءات التوطين.
من هنا سيقع رب الأسرة السعودي بين مطرقة المعيار وسندان العرف الاجتماعي، ومن المتوقع أن يحدث هذا ثقوباً اجتماعية تنال من استقرار الأسرة، ثم إن هناك إشكالية في أن يكون رب الأسرة «أو الأسرة» مديونة، والدَّين يأكل جزءاً مهماً من الدخل «المقياس»، ولكنها تحاسب على هذا الدخل كاملاً عند التعويض. بمعنى أن محتاجاً للتعويض والحماية دخله رقمياً أكبر من أن يشمله ذلك، فماذا سيكون مصير هذه الأسرة؟
( صحيفة الحياة )