كشف الخفاء في مماطلة النساء
عُرِفَ بَعض النِّسَاء بـ»اللَّكَاعَة» والمُمَاطَلَة والتَّغنُّج.. وقَد كُنتُ لسنوَاتٍ أَبحَث عَن دَليل، يُشير إلَى هَذه الظَّاهِرَة ويُثبتها، واستَمَر البَحث حَتَّى عَثرتُ عَلَى كِتَاب لِيبي؛ اسمه «أُغنيَّات مِن بِلَادِي»، للأُستَاذ البَاحث اللِّيبي «عبدالسلام قادر بوه»، حَيثُ يَذكر قِصَّة غَريبَة مَفَادها: أَنَّ أَحَد الشُّعرَاء قَابَل بَعض الفَتيَات يَرِدْنَ عَلى بِئر، فأَنشَد الأبيَات التَّالية، وكَان يُوجِّه شِعره إلَى فَتاة مُعيَّنة:
(قُولِي لِطَيفِكِ يَنْجَلِي عَن مَضْجَعِي وَقتَ المَنَامِ
كَي أَستريحَ وتَنطَفِي نَارٌ تُؤجَّجُ فِي العِظَامِ
دِنَفٌ تُقلِّبُهُ الأَكفُّ عَلَى بِسَاطٍ مِن سقَامِ
أمَّا أَنَا فكَمَا عَلمتِ، فهَل لوَصلِكِ عَلَى دَوامِ؟)!!
ورَدَّت عَليه تِلك الفَتَاة قَائِلَة: إنَّه شِعرٌ جَيَّد، ولَكن مَن أَدرَانَا أَنَّك قَائِله، فإذَا أَردتَ أَنْ تَنفي عَنَّا هَذا الشَّكّ، عَليك أَنْ تُعيد الأبيَات، ولَكن بقَافيةٍ جَديدَة. فأَنشَد الشَّاعِر:
(قُولِي لِطَيفِكِ يَنْجَلِي عَن مَضْجَعِي وَقتَ الرّقَادِ
كَي أَستَريحَ وتَنطَفِي نَارٌ تُؤجَّجُ فِي الفُؤَادِ
دِنَفٌ تُقلِّبُهُ الأَكفُّ عَلَى بِسَاطٍ مِن سهَادِ
أمَّا أَنَا فكَمَا عَلمتِ، فهَل لِوَصلِكِ مِن سَدَادِ؟)!!
ولَم تَكتفِ الفَتَاة بذَلك، بَل طَلَبَت مِنه أَنْ يُعيد الأبيَات بقَافيةٍ أُخرَى، فكَان أَنْ أَنشَد قَائِلاً:
(قُولِي لِطَيفِكِ يَنْجَلِي عَن مَضْجَعِي وَقتَ الهُجُوعِ
كَي أَستَريحَ وتَنطَفِي نَارٌ تُؤجَّجُ فِي الضّلُوعِ
دِنَفٌ تُقلِّبه الأكفُّ عَلى بسَاطٍ مِن دمُوعِ
أمَّا أَنَا فكَمَا عَلمتِ، فهَل لوَصلِكِ مِن رجُوعِ؟)!!
وأَصرَّت الفَتَاة عَلى أَنْ يُعيد الشَّاعِر نَفس الأبيَات؛ بقَافيةٍ أُخرَى، تَكون هِي المَرَّة الأَخيرَة، فلَم يَتردَّد الشَّاعِر، بَل أَنشَد:
(قُولِي لِطَيفِكِ يَنْجَلِي عَن مَضْجَعِي وَقتَ الوَسنِ
كَي أَستَريحَ وتَنطَفَي نَارٌ تُؤجَّجُ فِي البَدنِ
دِنَفٌ تُقلِّبُهُ الأَكفُّ عَلَى بسَاطٍ مِن مِحَنِ
أمَّا أَنَا فكَمَا عَلمتِ، فهَل لوَصلِكِ مِن ثَمنِ؟)!!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نَقول: لَا نَعلَم نَتيجَة هَذه المُحَاورة، والتَّحدِّي والمُمَاطَلَة، ولَكن الأَكيد أَنَّ الرِّجَال والنِّسَاء فِي السَّابق، كَانوا يَلتَقون عِند آبَار الميَاه، وأَنَّ المَرأَة كَانت تَتعلَّم مِن المَاءِ «التَّهرُّب والتَّسرُّب»، وصعُوبة القَبض عَليهَا، كَمَا هي صعُوبة القَبض عَلَى المَاءِ..!!
( صحيفة المدينة )