كلنا ذاك الرجل
كل إنسان في العالم له حياته الخاصة، يمارس فيها ما لا يستطيع ممارسته في الحياة العامة.
هنا أمامك تقابلية شديدة الوضوح: من حقك في حالات محددة محاسبة الإنسان على تصرفاته العلنية سواء أمام الناس أو في مقر عمله.. وليس من حقك محاسبته على ما يفعله خارج هذه الدائرة طالما لم يتخلل ممارسته ضرر بنفسه أو بالآخرين..
هل تتذكر حينما قام مجموعة من الموظفين بالطبخ داخل إدارتهم، كيف أن الناس طالبوا بمحاسبتهم.. وهو ما تم بالفعل.. بالضبط هو ما تفكر فيه الآن؛ هذا مكان عمل عام وله شخصيته وقيمته!
يشنّع صديقي العزيز على أحد المسؤولين لأن مقطعًا مُسربًا - لا متسربًا - كشفه وهو يمارس عفويته ويرقص في سيارة، بصورة إنسانية بحتة!
يا صديقي العزيز: حينما يتجلى الإنسان في حياته الخاصة ويمارس حريته سواء بالرقص أو الغناء أو اللعب ليس من حقنا منعه.. كلنا ذاك الرجل، وكلنا لنا حياتنا الخاصة.. التي لا نسمح لأحد بالتدخل فيها، ومحاسبتنا عليها.. حياة الإنسان الخاصة، له ربٌ يحاسبه عليها، ولست وصيًا على أحد.. لا تتجسس، ولا تتلصص، ولا تنظر من ثقب الباب أو الجوال!
يروى أن اليهود جاؤوا للمسيح عليه السلام بامرأةٍ مخطئة، فلم يرد عليهم وانحنى يكتب على الأرض.. ولما ألحوا عليه بالسؤال - قيل ليحرجوه - اعتدل وقال لهم: "من كان منكم بلا خطيئة فَلْيَرْمِهَا أَولاً بحجر"..
ثم انحنى برأسه مرة أخرى وعاد يكتب على الأرض.. أما هم فقد انسحبوا من المكان واحداً تلو الآخر والمرأة واقفة في مكانها.. ثم اعتدل مرة أخرى وقال: "أين هم أيتها المرأة.. ألم يحكم عليك أحد منهم"؟!
فقالت: "لا أحد يا سيّد"..
فقال عليه السلام: "وأنا لا أحكم عليك، اذهبي، ولا تعودي تخطئين"..
الخلاصة: لا لوم ولا مؤاخذة تجاه المسؤول الذي تناقل الناس صورته وهو يمارس عفويته - التي يمارسها أغلب منتقديه - وإن كان ثمّة لوم وعتاب ومحاسبة فيوجه للشخص الذي انتهك خصوصية الآخرين، وقام بالتصوير وتسريب الفيديو.
( الوطن )