ثلاجات الدول الشقيقة!
يبدو والله أعلم أن بعض المسؤولين والوزراء أصيبوا بالعين، وهي لا شك عين (حارة) رفيعة المستوى عالية المقام تصيب ذوي الشأن أمام الكاميرات فيأتون بتصريحات أو عبارات أقل ما يقال عنها بأنها صادمة، فما إن هدأ الصداع الذي أحدثه حديث الوزراء الثلاثة في برنامج الزميل داود الشريان حتى انتشر مقطع فيديو لأمين منظمة التعاون الإسلامي إياد مدني وهو يخطئ في اسم الرئيس التونسي ثم أراد تصحيح الخطأ بخطأ أكبر تمثل في مزحة خشنة لمن هو في موقعه تتعلق بثلاجة الرئيس المصري التي لم يدخلها غير الماء لمدة 10 سنوات!.
لو كان إياد مدني إعلاميا عاديا أو مثقفا مستقلا
لكان من المقبول تدخله في شؤون ثلاجة رئيس دولة عربية شقيقة، خصوصا أن حكاية الثلاجة الغريبة صدرت عن الرئيس المصري نفسه وليست من نسج الإعلام المعادي، لذلك من المتوقع أن يتحدث عنها الإعلاميون والمثقفون العرب باعتبار أن جميع الثلاجات العربية تفتح على بعضها البعض، ولكن إياد مدني هنا أمين لمنظمة التعاون الإسلامي ووزير سابق ويدرك بحكم خبرته العريضة أنه في هذا الموقع لا يمثل رأيه الشخصي بل يقود منظمة تحاول بصعوبة أن تلملم شتات العالم الإسلامي الممزق وليست بحاجة أبدا للدخول في خلاف هامشي مجاني مع دولة عضو تعتبر من أهم ركائز العالم الإسلامي.
على وجه السرعة قدم مدني اعتذارا عن مزحته الخشنة.. وحسنا فعل حيث لا مفر من الاعتذار في هكذا حالة.. ولكن قبل الاعتذار وبعده كان الهجوم على إياد مدني بعبارات أخذ صورة غير لائقة على الإطلاق وتوسع بعض المهاجمين ليشمل بصراخه السعودية كلها رغم أن لا دخل لها بالموضوع.
على الصعيد الإعلامي يبدو أنه كانت لدى بعض الإعلاميين مشكلة كبيرة قبل ظهور مزحة إياد مدني تتمثل في صعوبة الدفاع عن فكرة الثلاجة الرئاسية الخالية أمام قرائهم ومشاهديهم فظهرت لهم فجأة مزحة إياد مدني وكأنها هدية من السماء، فما كان منهم إلا أن حولوا مهمة الدفاع عن الثلاجة إلى مهمة قومية مقدسة.. وطبعا بدأ هؤلاء الإعلاميون - الذين يمثلون أنفسهم ولا يمثلون عموم الإعلام المصري - في القصف العشوائي باتجاه إياد مدني، وقد كان للأسف الشديد قصفا خاليا من المهنية في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى خاليا من الأدب.. ولا أظن أن ثمة داعيا لأن نعيد التأكيد بأن مثل هذه المشاحنات الإعلامية البائسة لا تخدم العلاقة التاريخية والمصيرية بين الشعبين الشقيقين، ونسكب الزيت على النار في وقت نحن فيه بأمس الحاجة للتكاتف والتعاضد.
نعود إلى موضوع العين التي أصابت الوزراء وعلية القوم وآخرهم إياد مدني لنقول إننا بأمس الحاجة اليوم إلى راق شرعي على أعلى مستوى، وحبذا لو كان بمرتبة وزير كي يقرأ على السادة المسؤولين كي لا يسرقهم إغراء الكاميرا فيأتوا بالكوارث!.