بسك لقافة
من المضحك والمثير للغضب في آن واحد أن الناس بكل فئاتها وأنواعها وثقافاتها ترفض وبشدة أن يتدخل أحد في شؤونها أو أن يفرض عليها ما لا ترضاه نفسها ولكن حين يأتي دورها في تطبيق هذا على نفسها في تعاملها مع الآخرين يختلف الأمر لدى البعض ( فيقحم ) نفسه في حياتهم وخصوصياتهم بل إن البعض لم يتبق له إلا أن يشارك في فرض نوع الطعام وأدق تفاصيل يومك !
العنوان أعلاه ـ رغم قناعتي بعبارة الجدران دفاتر المجانين ـ كتب على حائط ويبدو أن من كتبه يحكي واقعاً مشاهداً يتزايد بشكل لافت .
تكون في منزلك وتجد أن هناك من يتتبع خصوصياتك ويتابع ما يستجد في حياتك ، تكون في مكان انتظار وتمسك بهاتفك تجد من بجانبك يعرفك أو لا يعرفك عينه على شاشة هاتفك يتابعك من اللحظة الأولى التي أمسكت بها جهازك !
وآخر حين تتواجد في محل تناقش بائعاً/بائعة يقول لك لا كذا وكذا وكأن الكلام موجه له أو طلبت رأيه ! وآخر لا علاقة به بأمر ولا بالطرف الآخر فيأتي من أقصى اليمين لأقصى اليسار فقط لأن ( عرق اللقافة ينبض ) ولربما لم يكن يفهم حتى لو عُرض عليه مباشرة !
كل ( الملاقيف ) في كفة وتلك التي دخلت بين الأم وبناتها فتبدأ في اثارة الفتنة واشعال فتيلها بتأليب الأم على البنات أو إحداهن وما تعلم أنها تنفث سماً ستُحاسب عليه وقد تدور الأيام دورتها وتكون هي أو بناتها في نفس الموقف ويشتعل بيتها فتنة كما أشعلتها في بيوت المسلمين .
أما عن القوم الذين تكاثروا ـ وللأسف ـ فزاد حد تطفلهم لأن يصل لدقائق الأمور لشؤونك ( كم ؟ لماذا ؟ متى ؟ .... الخ ) ويتذاكى ـ أحياناً ـ فيقولوها وكأنه بطريقة أحاديث ولكنها سؤال مبطن تكتفي بابتسامة مثل الابتسامة التي هبطت على وجهه لحظة الذكاء الخارق وإن زاد وتجاوز الحد : ( من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه ) حتى إذا سولت له نفسه مرة أخرى في التطفل تذكر العاقبة فارتدع مع أن الكثير من هذا الصنف ( لا يستحي ) !
بما أن كل شخص لا يرضى أن يتدخل أحد في شؤونه أو يتتبع أموره فمن باب أولى يفعلها مع الغير حتى لا يُعاد له صنيعه فهي دعوة من القلب لأن نعامل الآخرين بمثل ما نتمنى أن يعاملوننا به ، لنبدأ بأنفسنا ونصلحها وسيتخلص المجتمع من هذه الفئة وننسى كلمة ( بسك لقافة ) .
لا قول أبلغ ولا رسالة أوعى من حديث المصطفى ﷺ ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) .
وعلى الخير نلتقي بإذن الله