ومضى النصف من رمضان
ما أسرع ما تمضي الأيام .. كنا قبل أيام نهنئ أنفسنا ببلوغ شهر مضان المبارك
وها هو اليوم قد انتصف الشهر, مضت أيامه وانقضى شطره واكتمل بدره.
فأحسنوا أيه المؤمنون فيما بقي يغفر لكم ما مضى فإنه يوشك الضيف أن يرتحل وشهر الصوم أن يكتمل.
صعد رسول الله المنبر فقال: ((آمين آمين آمين))، فقيل له: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين! فقال : ((أتاني جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمد، رغم أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له، قل: آمين، فقلت آمين)
وقال قتادة رحمه الله: كان يقال: من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له.
فلنستدرك أيه المؤمنون باقي الشهر، ونجتهد في طاعة الله ، ونتوب من كل ذنب
فهذا أوان التوبة والاستغفار، والأوبة والانكسار، والتضرع والافتقار.
وقد قال ربنا (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ)
و قال الله عزوجل في الحديث القدسي (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة.)
فمن لم يتب في رمضان , فمتى يتوب ؟
فرمضان فرصة للتائبين
الشياطين مصفدة.. وشهوات النفس مقيدة .. والنفحات ممنوحة .. وأبواب الجنة مفتوحة.
ذكّر نفسك أيها المؤمن وعظها وعاتبها وخوّفها: قل لها: يا نفس توبي قبل أن تموتي ؛ فإن
الموت يأتي بغتة، وذكّرها بموت فلان وفلان.. أما تعلمين أن الموت موعدك؟! والقبر بيتك؟
والتراب فراشك؟ والدود أنيسك؟... أما تخافين أن يأتيك ملك الموت وأنت على المعصية قائمة؟
هل ينفعك ساعتها الندم؟ وهل يُقبل منك البكاء والحزن؟ ويحك يا نفس تعرضين عن الآخرة وهي
مقبلة عليك، وتقبلين على الدنيا وهي معرضة عنك.
وابشر أيها التائب( فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له )
وقد قال ربنا الرحمن الرحيم: ((قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
وقال صلى الله عليه وسلم (( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)) رواه مسلم .