نحو مواطنة بيئية أفضل
تربط الإنسان والبيئة علاقة أزلية منذ أن ظهر على سطح الأرض، والمتتبع لهذه العلاقة على المدى الزمني يرى أنها علاقة متباينة، حيث يعتبر الإنسان من أكثر الأحياء تأثيراً في البيئة وتأثرا منها.
لذلك فإن إعداده وتربيته بيئياً أمر غاية في الأهمية، وإذا كانت الأنظمة التي تحكم العلاقات بين مكونات البيئة غير قابلة للتغيير، فإن معرفة الإنسان لأثر سلوكه علي البيئة تمكنه من تعديل هذا السلوك بالأساليب التربوية العديدة، باعتبار أن فهم العلاقات والأنظمة المنظمة للبيئة، هي التي تمكن إلى حد بعيد من التعامل مع مشكلاتها بصورة أفضل، وتمكن كذلك من تحاشي الكثير من المشكلات البيئية قبل وقوعها، خاصة وان عدد كبير من الناس يسيئون إلى البيئة من نواح عديدة بقصد أو دون قصد، ففي الوقت الذي تتعالى فيه التنبيهات بتأثيرات المشكلات البيئية وتفاقمها يزيد السلوك السلبي للإنسان تجاهها، بل وقد تتعارض سلوكيات بعض من الناس مع حقوق معظم المواطنين في العيش بأمن وسلام، مما يحتم على الدولة سن التشريعات التي تحمى الحقوق وتلزم المخالفين باحترام البيئة ومواردها، وبالرغم من أهمية هذه الأنظمة والتشريعات في صيانة البيئة وحمايتها، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها وحدها، ما لم يتم توعية المواطنين بحقوقهم ومسئولياتهم المتعلقة بالبيئة، وتحسيسهم بأهمية انتمائهم لها، واحترامهم للأنظمة المنظمة للتعامل معها، والشعور بمشاكلها، والإسهام الايجابي في حلها،. وهو ما يعرف بالمواطنة البيئية، التي تركز علي إيجاد رادع ذاتي ينبع من داخل الإنسان، ويدفعه إلي حماية البيئة وصيانتها واحترامها، بهدف غرس مجموعة من القيم والأسس والمثل لدى أفراد المجتمع صغارا كانوا أم كبارا، لتساعدهم في أن يكونوا صالحين وقادرين على المشاركة الفعالة والنشطة في كافة قضايا البيئة ومشكلاتها، وبذلك يتطور مفهوم المواطنة ويصبح له مدلول أشمل، يتعدى كون الإنسان مواطنا داخل وطنه فقط،، إلي كونه عضوا نشيطا وفاعلا وسط المجتمع البشري ككل؛ أي أن عليه واجبات تجاه العالم كله، مثلما له واجبات نحو وطنه، بالتالي يصير مواطنا ذا صبغة عالمية، يحمل على عاتقه مسؤولية أوسع نطاقاً نحو بيئته ككل.
إننا بحاجة ماسة إلى تعزيز المواطنة البيئية والسير بها نحو الأفضل، ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى تصحيح بعض المفاهيم البيئية السائدة لدى المواطنين وتعديل المعتقدات والأفكار البيئية الخاطئة، والى معالجة أساس المشاكل للسلوكيات السلبية الناجمة عن غياب مفهوم المواطنة البيئية، ونحتاج إلى إكساب المواطنين المهارات والآليات السليمة والمفيدة والصحيحة التي تساهم في المحافظة والإصلاح البيئي من أجل التنمية المستدامة، وكذلك نحتاج إلى تحسين السلوك البيئي المتبع في الحياة العامة أثناء التعامل مع البيئة، كما نحتاج إلى المزيد من الإسهام في رفع مستوى المعرفة والثقافة البيئية العامة للأفراد لتحفيزهم على المشاركة في اتخاذ القرارات ووضع الحلول المعنية بالشؤون البيئية والتنموية.
البيئة هي رئة الإنسان التي يتنفس من خلالها، وهي هويته الوطنية التي من خلالها يتم التعرف عليه وعلى ثقافته وسلوكه، والإنسان ابن بيئته،.لذا يجب علينا أن نولي قضايا البيئة أهمية خاصة في كافة برامجنا وخططنا التنموية للوصول بالبيئة وبالمواطنة البيئية للأفضل.