التسول .. إرهاب قادم
محمد المشوح
التسول في بعض الدول التي أطلقت العنان لهذه الظاهرة تحول إلى استثمار لعصابات مزيفة تسعى لاستجداء عطف الناس بوسائل كاذبة وتستدر عطفهم بشتى أنواع الحيل.
ومن ثم نشأت فئات عمرية وشبابية عاطلة تسعى إلى استغلالها رؤوس تلك العصابات التي تطمح إلى الحصول على المال بأسرع الطرق وأيسرها.
الشؤون الاجتماعية لدينا ممثلة في إدارة مكافحة التسول لازالت تقف موقف المتفرج من تلك الأفواج الهائلة من المتسولين الذين غصت بهم شوارع مدننا.
لك أن تقف ساعة من ليل أو نهار بل حتى قبيل الفجر وبعد منتصف الليل لتشاهد تلك النساء في زوايا وتقاطعات وإشارات شارع التحلية وطريق العليا العام وغيرها في الرياض.
وهم بذلك يوجهون رسالة واضحة بأننا لا نخاف وها نحن نقف في أوسع وأكبر وأوضح الشوارع وليس ثمة خطر على مهنتنا !!!
المملكة العربية السعودية تعيش تحديات عديدة في الوقت الحاضر فلازالت فلول المتسولين تشكل خطرا والخوف من دخولهم إلى مناطق المملكة وهم كذلك إحدى فئات المتسولين التي ملئت بهم شوارع جدة والرياض.
هناك شباب في زهرة أعمارهم يبحثون عن التسول في كل زاوية وشارع وحارة ومتجر.
وأصبح المواطن لا يتجه يمنة أو يسرة إلا يواجه هذه الفئة.
السؤال المطروح كيف دخل هؤلاء وهم غير سعوديين وبعضهم ليس لديه إقامة، والآخر لديه كفيل ولكنه تركه لهذه الوظيفة المحبطة وهي التسول.
أما الخطر الأكبر فهو صناعة بعض شبابنا وأبنائنا وتهيئتهم لهذه المهنة والعمل الكاسد الذي يقضي على الطموح والعمل، وكذلك استغلالها من قبل الفئة الضالة الإرهابيين.
أمامنا ألوان عديدة من الاستغلال البشع من قبل هذه الفئات فهم قد استغلوا الأعمال الخيرية والمشاريع الدينية لتحصيل الأموال. ولن يترددوا في استغلال التسول وسيلة مهمة لجمع المال.
ومع ذلك فوزارة الشؤون الاجتماعية مع تعدد إمكاناتها لم تقم بحملة جادة نحو التسول الذي ملئت به شوارعنا وأسواقنا.
لا أدري كيف هو تحمل إدارة كاملة ومليئة بالموظفين والسيارات، ومع ذلك لم أشاهد حملات جادة متعاقبة في كل مكان تقبض على أولئك وتحيلهم إلى الجهة ذات العلاقة للتحقيق، فإن كان صادقا فيتقدم إلى الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدة العاجلة واللازمة له فورا إضافة إلى مكاتب الضمان الاجتماعي التي دعمها خادم الحرمين الشريفين دعما خاصا حتى لم يبق أي عذر لمسؤول، فضلا عن الجهات الأخرى التي لن تتردد في مساعدة المحتاج الصادق.
إننا أمام خطر قادم يتمثل في التسول الضارب في مدننا والذي حتما سوف يكون وسيلة شيطانية لأولئك المفسدين إن لم تقم الجهات وعلى رأسها وزارة الشؤون الاجتماعية بدورها الصحيح المناط بها تجاه هذه المشكلة.
لا سيما ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك.
إننا أمام جيش من المتسولين، وآخر الإحصاءات أشارت إلى أن 22 ألف متسول يعيشون في تنظيمات وترتيبات يحتاج المواطن إلى أن يستمع إلى تفاصيلها وكشفها.
حملات مكافحة التسول لا ينبغي أن تكون حولية ولا ينتظر أن تحل بنا كارثة أو تقع فينا مصيبة إثر اكتشاف خلية تسول تمارس أنشطة إرهابية.
ويجب أن نسبق الأحداث ونرصد الواقع ونلاحق المخالفين.
المشكلة الكبرى أن أكثر من 85 في المائة من هؤلاء المتسولين أثبتت الدراسات والإحصاءات أنهم من غير السعوديين ومن المعلوم أن ظاهرة التسول غير أخلاقية أو حضارية لدى الشعوب واستغلال الأطفال وذوي العاهات أصبحت سمات ملازمة لتلك الفئة المتسولة.
لكم أن تنظروا إلى تلك الوجوه البريئة التي تم استغلالها من قبل أشخاص لهم حساباتهم ومصالحهم فقاموا باستغلال أولئك الأطفال ليدفعوا بهم بين خضم السيارات وتقاطع الإشارات في لهب الشمس وحرارة الصيف في مشهد محزن ينعكس على أبنائنا ونفوسهم وهم يشاهدون هؤلاء.
هل من الممكن أن نسكت ونحن نشاهد فتيات وبنات ونساء في مقتبل العمر يجبن الشوارع في ساعات الليل المتأخرة.
إن ذلك يحتاج إلى وقفة جادة وصارمة، وتتحمل وزارة الشؤون الاجتماعية المسؤولية الكبرى في ذلك حتى لا نرى مجتمعنا متفرجا على ظاهرة أصبحت طريقا سريعا وسهلا للكسب المادي والربح اللا مشروع.
لن أتحدث عن واقع مكة والمدينة أثناء مواسم الحج والعمرة وكثرة أعداد المتسولين ولكن لا يمكن أن يكون هذا مقبولا في مدينة عصرية حضارية مثل الرياض أو جدة..
المؤسف أن مكاتب مكافحة التسول في المملكة لا تتجاوز 8 مكاتب ومازالت تراوح مكانها وتحتاج في نظري ليس إلى الدعم المادي للقيام بمهامها لأن ذلك منوط بوزارتها التابعة لها وميزانياتها الكافية.
ولكن السؤال ما السبب في عدم القضاء على هذه الظاهرة وما السر في غياب التنسيق بين الجهات.
أخيرا.. أهم دراسة قدمت عن التسول في المملكة قدمها د. عبد الله اليوسف الذي يعمل حاليا وكيلا لوزارة الشؤون الاجتماعية والذي ختم دراسته بتحذيره الشديد من وجود الأطفال في الشوارع، فوجودهم فيها قد يؤدي إلى انخراطهم في الانحرافات وتحولهم إلى الجريمة.
فماذا عملت يا سعادة الوكيل وقد حملت المسؤولية ؟.