إعادة توزيع الثروة،
بل بلغت الأمور حد التشويه، الذي اصطلح الجزّارون على تسميته تصحيحا لمناطق في أجسادهن، مثل تعديل الأنف المعوجّ، أو حقن الشفاه والوجوه بالـبوتوكس أو الـكولاجين لإخفاء التجاعيد، أو إزالة الشحوم من البطن أو الأرداف، ولا شيء يزيد غرابة عن التصحيح المزعوم؛ أكثر مما يمكن وصفه بـإعادة توزيع الثروة، حيث يتم سحب الشحوم من الأرداف، لحقنها في الشفاه والخدود.
واللافت للنظر حسبما تروي إحدى قريباتي- أن موضة عمليات التجميل جعلت النسوة يُشبهن بعضهن تماماً، ولا يُميّزهن في المناسبات العامة سوى الملابس اللاتي يرتدينها، فالأنوف المرفوعة متشابهة، وكذلك الخدود المتورّدة والحواجب، والشفاه المنفوخة، التي يُخيَّل للرائي أنها أربع شفاه فوق بعضها، أو كأنها قنبلة موقوتة على وشك الانفجار.
والأدهى والأمرّ أن المرأة تمادت كثيراً في امتهان نفسها، بعد أن حوّلت نفسها إلى مجرد شيء يُمكن العبث به، وتغييره وتكييفه حسب الموضة والطلب، حيث سمعنا عن عمليات نحت الجسم؛ على طراز الفنانة الفلانية، أو المذيعة العلانية، وربما نسيت المرأة أن هذا التشيؤ يجعلها تفقد قيمتها وأنوثتها الطبيعية، لتصبح في نهاية المطاف مثل السيارات المعدّلة.
وأغرب الحِيَل المكشوفة، حين تُقْدِم إحداهن على ارتداء عدسات خضراء، وتصبغ شعرها باللون الأخضر تارة، والأحمر تارة أخرى، مع أن لونها الأسمر يكشف بوضوح أنها تستعير قطع غيار، في محاولة يائسة للتشبُّه بـكاميرون دياز أو ليندزي لوهان.
ورغم أنني قليلا ما أشفق على الرجل، إلا أنني أحزن على تردِّي ذوقه؛ الذي يوقعه في شِرك فتاة اصطناعية من هذا النوع، ويتورَّط في الزواج منها، إذ يستبدُّ به الهلع والرعب؛ حين يستيقظ في أوّل صباح، ليكتشف أن عروسه قد تغيّرت 100%.
في النهاية أقول: أستغرب جهل النساء بالعواقب الوخيمة؛ التي تترتَّب على عمليات التجميل، مع التقدُّم في العمر، وكيف أنهن لم يتّعظن من التجارب السيّئة؛ التي نراها ونقرأ عنها، ونسمع عنها كل يوم.
فما أتعسنا حين نقع في غرام الكذب، ونهرب من الحقيقة التي نراها في المرآة كل يوم، وما أسخف المجتمع الذي يُشكِّل لقمة سائغة؛ لكل مَن تستهويه ممارسة الحلاقة في رؤوس الأيتام.